responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 279
وَ (أَنْ جاءَهُمْ) مَجْرُورٌ بِ (مِنْ) الْمَحْذُوفَةِ مَعَ أَنْ، أَيْ عَجِبُوا مِنْ
مَجِيءِ مُنْذِرٍ مِنْهُمْ، أَوْ عَجِبُوا مِنِ ادِّعَاءِ أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ.
وَعَبَّرَ عَن الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَصْفِ مُنْذِرٌ وَهُوَ الْمُخْبِرُ بِشَرٍّ سَيَكُونُ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ عَجَبَهُمْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ صِفَتَيْنِ فِي الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ مُخْبِرٌ بِعَذَابٍ يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَيْ مُخْبِرٌ بِمَا لَا يُصَدِّقُونَ بِوُقُوعِهِ، وَإِنَّمَا أَنْذرهُمْ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ بَعْدَ الْبَعْثِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ [سبأ: 46] . وَالثَّانِيَةُ كَوْنُهُ مِنْ نَوْعِ الْبَشَرِ.
وَفَرَّعَ عَلَى التَّكْذِيبِ الْحَاصِلِ فِي نُفُوسِهِمْ ذِكْرَ مَقَالَتِهِمُ الَّتِي تُفْصِحُ عَنْهُ وَعَنْ شُبْهَتِهِمُ الْبَاطِلَةِ بِقَوْلِهِ: فَقالَ الْكافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ الْآيَةَ. وَخَصَّ هَذَا بِالْعِنَايَةِ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَدْخَلُ عِنْدَهُمْ فِي الِاسْتِبْعَادِ وَأَحَقُّ بِالْإِنْكَارِ فَهُوَ الَّذِي غَرَّهُمْ فَأَحَالُوا أَنْ يُرْسِلَ الله إِلَيْهِم أحد مِنْ نَوْعِهِمْ وَلِذَلِكَ وصف الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتِدَاءً بِصِفَةِ مُنْذِرٌ قَبْلَ وَصْفِهِ بِأَنَّهُ مِنْهُمْ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ مَا أَنْذَرَهُمْ بِهِ هُوَ الْبَاعِثُ الْأَصْلِيُّ لِتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ وَأَنَّ كَوْنَهُ مِنْهُمْ إِنَّمَا قَوَّى الِاسْتِبْعَادَ وَالتَّعَجُّبَ.
ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ يُتَخَلَّصُ مِنْهُ إِلَى إِبْطَالِ حُجَّتِهِمْ وَإِثْبَاتِ الْبَعْثِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ: قَدْ عَلِمْنا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ إِلَى قَوْلِهِ: كَذلِكَ الْخُرُوجُ [ق: 4- 11] . فَقَدْ حَصَلَ فِي ضِمْنِ هَاتَيْنِ الْفَاصِلَتَيْنِ خُصُوصِيَّاتٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْبَلَاغَةِ: مِنْهَا إِيجَازُ الْحَذْفِ، وَمِنْهَا مَا أَفَادَهُ الْإِضْرَابُ مِنَ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْبَعْثِ، وَمِنْهَا الْإِيجَازُ الْبَدِيعُ الْحَاصِلُ مِنَ التَّعْبِيرِ بِ مُنْذِرٌ، وَمِنْهَا إِقْحَامُ وَصْفِهِ بِأَنَّهُ مِنْهُمْ لِأَنَّ لِذَلِكَ مَدْخَلًا فِي تَعَجُّبِهِمْ، وَمِنْهَا الْإِظْهَارُ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ، وَمِنْهَا الْإِجْمَالُ الْمُعَقَّبُ بِالتَّفْصِيلِ فِي قَوْلِهِ: هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذا مِتْنا
إِلَخْ.
وَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ فِي فَقالَ الْكافِرُونَ دُونَ: فَقَالُوا، لِتَوْسِيمِهِمْ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ آثَارِ الْكُفْرِ، وَلِيَكُونَ فِيهِ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرَيْنِ السَّابِقَيْنِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست