responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 236
وَالْعَنَتُ: الْمَشَقَّةُ، أَيْ لَأَصَابَ السَّاعِينَ فِي أَنْ يعْمل النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَرْغَبُونَ الْعَنَتَ.
وَهُوَ الْإِثْم إِذا استغفلوا النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَأَصَابَ غَيْرَهُمُ الْعَنَتُ بِمَعْنَى الْمَشَقَّةِ وَهِيَ مَا يَلْحَقُهُمْ مِنْ جَرَيَانِ أَمر النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا يُلَائِمُ الْوَاقِعَ فَيَضُرُّ بِبَقِيَّةِ النَّاسِ وَقَدْ يَعُودُ بِالضُّرِّ عَلَى
الْكَاذِبِ الْمُتَشَفِّي بِرَغْبَتِهِ تَارَةً فَيَلْحَقُ عَنَتُ مَنْ كَذَّبَ غَيْرَهُ تَارَةً أُخْرَى.
وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8) .
الِاسْتِدْرَاكُ الْمُسْتَفَادُ من لكِنَّ ناشىء عَنْ قَوْلِهِ: لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ لِأَنَّهُ اقْتضى أَن لبَعْضهِم رَغْبَةً فِي أَنْ يطيعهم الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْغَبُونَ أَنْ يَفْعَلَهُ مِمَّا يَبْتَغُونَ مِمَّا يَخَالُونَهُ صَالِحًا بِهِمْ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ تُعْرَضُ لَهُمْ. وَالْمَعْنَى: وَلَكِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ رَسُولَهَ إِلَّا بِمَا فِيهِ صَلَاحُ الْعَاقِبَةِ وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ رَغَبَاتِكُمُ الْعَاجِلَةَ وَذَلِكَ فِيمَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنَ الْأَحْكَامِ، فَالْإِيمَانُ هَنَا مُرَادٌ مِنْهُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ مُرَادًا مِنْهُ الِاعْتِقَادُ، فَإِنَّ اسْمَ الْإِيمَانِ وَاسْمَ الْإِسْلَامِ يَتَوَارَدَانِ، أَيْ حُبِّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانُ الَّذِي هُوَ الدِّينُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا تَحْرِيضٌ عَلَى التَّسْلِيمِ لِمَا يَأْمُرُ بِهِ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النِّسَاء: 65] ، وَلِذَا فَكَوْنُهُ حَبَّبَ إِلَيْهِمُ الْإِيمَانَ إِدْمَاجٌ وَإِيجَازٌ. وَالتَّقْدِيرُ:
وَلَكِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لَكُمُ الْإِسْلَامَ وَحَبَّبَهُ إِلَيْكُمْ أَيْ دَعَاكُمْ إِلَى حُبِّهِ وَالرِّضَى بِهِ فَامْتَثَلْتُمْ.
وَفِي قَوْلِهِ: وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ الَّذِينَ لَا يطيعون الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ بَقِيَّةٌ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ، قَالَ تَعَالَى: وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ إِلَى قَوْلِهِ: هُمُ الظَّالِمُونَ [النُّور: 48- 50] . وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا أَنْ يَتْرُكُوا مَا لَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست