responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 229
الِانْتِقَالَ مِنْهَا إِلَى هَذِهِ يَقْتَضِي مُنَاسِبَةً بَيْنَهُمَا، فَالْقِصَّتَانِ مُتَشَابِهَتَانِ إِذْ كَانَ وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ النَّازِلَةُ فِيهِمُ الْآيَة السَّابِقَة جاؤوا مُعْتَذِرِينَ عَنْ رَدِّهِمْ سَاعِيَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَبْضِ صَدَقَاتِ بَنِي كَعْبِ بْنِ الْعَنْبَرِ مِنْ تَمِيمٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَبَنُو الْمُصْطَلِقِ تَبَرَّءُوا مِنْ أَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ الزَّكَاةَ إِلَّا أَنَّ هَذَا يُنَاكِدُهُ بُعْدُ مَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي تَعْيِينِ سَنَةِ وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ وَهْمٌ.
وَإِعَادَةُ الْخِطَابِ بِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وَفَصْلُهُ بِدُونِ عَاطِفٍ لِتَخْصِيصِ هَذَا الْغَرَضِ بِالِاهْتِمَامِ كَمَا عَلِمْتَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبيء. فَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا لِلْمُنَاسَبَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا.
وَلَا تَعَلُّقَ لِهَذِهِ الْآيَةِ بِتَشْرِيعٍ فِي قَضِيَّةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ لِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ انْقَضَتْ وَسُوِّيَتْ.
وَالْفَاسِقُ: الْمُتَّصِفُ بِالْفُسُوقِ، وَهُوَ فِعْلُ مَا يُحَرِّمُهُ الشَّرْعُ مِنَ الْكَبَائِرِ. وَفُسِّرَ هُنَا بِالْكَاذِبِ قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ وَمُقَاتِلٌ وَسَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
وَأُوثِرَ فِي الشَّرْطِ حَرْفُ إِنْ الَّذِي الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّرْطِ الْمَشْكُوكِ فِي وُقُوعِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ شَأْنَ فِعْلِ الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ نَادِرَ الْوُقُوعِ لَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. وَاعْلَمْ أَنْ لَيْسَ الْآيَةُ مَا يَقْتَضِي وَصْفَ الْوَلِيدِ بِالْفَاسِقِ تَصْرِيحًا وَلَا تَلْوِيحًا.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ الْوَلِيدَ ظَنَّ ذَلِكَ كَمَا فِي «الْإِصَابَةِ» عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَيْسَ فِي الرِّوَايَاتِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ. قَالَ الْفَخْرُ: «إِنَّ إِطْلَاقَ لَفْظِ الْفَاسِقِ عَلَى الْوَلِيدِ شَيْءٌ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ تَوَهَّمَ وَظَنَّ فَأَخْطَأَ، وَالْمُخْطِئُ لَا يُسَمَّى فَاسِقًا» . قُلْتُ: وَلَوْ كَانَ الْوَلِيدُ فَاسِقًا لَمَا ترك النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْنِيفَهُ وَاسْتِتَابَتَهُ فَإِنَّهُ
رَوَى أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْله لَهُ «التبيّن مِنَ اللَّهِ وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ»
، إِذْ كَانَ تَعْجِيلُ الْوَلِيدِ الرُّجُوعَ عَجَلَةً. وَقَدْ كَانَ خُرُوجُ الْقَوْمِ لِلتَّعَرُّضِ إِلَى الْوَلِيدِ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ مَثَارَ ظَنِّهِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 229
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست