responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 207
ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ.
الْإِشَارَة ب ذلِكَ إِلَى الْمَذْكُورِ مِنْ صِفَاتِ الَّذِينَ مَعَ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ السَّابِقَ فِي الذِّكْرِ بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ فَيُشَارُ إِلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَاسْمُ الْإِشَارَةِ مُبْتَدَأٌ ومَثَلُهُمْ خَبَرُهُ.
وَالْمَثَلُ يُطْلَقُ عَلَى الْحَالَةِ الْعَجِيبَةِ، وَيُطْلَقُ عَلَى النَّظِيرِ، أَيِ الْمُشَابِهِ فَإِنْ كَانَ هُنَا مَحْمُولًا عَلَى الْحَالَةِ الْعَجِيبَةِ فَالْمَعْنَى: أَنَّ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةَ هِيَ حَالُهُمُ الْمَوْصُوفُ فِي «التَّوْرَاةِ» . وَقَوْلُهُ: فِي التَّوْراةِ مُتَعَلِّقٌ بِ مَثَلُهُمْ أَوْ حَالٌ مِنْهُ. فَيُحْتَمَلُ أَنَّ فِي «التَّوْرَاةِ» وَصْفَ قَوْمٍ سَيَأْتُونَ وَوُصِفُوا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، فَبَيَّنَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الَّذِينَ مَعَ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمُ الْمَقْصُودُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ الْعَجِيبَةِ الَّتِي فِي «التَّوْرَاةِ» ، أَيْ أَنَّ «التَّوْرَاةَ» قَدْ جَاءَتْ فِيهَا بِشَارَةٌ بمجيء مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَصْفِ أَصْحَاب النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالَّذِي وَقَفْنَا عَلَيْهِ فِي «التَّوْرَاةِ» مِمَّا يَصْلُحُ
لِتَطْبِيقِ هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْبِشَارَةُ الرَّمْزِيَّةُ الَّتِي فِي الْإِصْحَاحِ الثَّالِثِ وَالثَلَاثِينَ مِنْ «سِفْرِ التَّثْنِيَةِ» مِنْ قَوْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: «جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَا وَأَشْرَقَ لَهُمْ مِنْ سَعِيرٍ وَتَلَأْلَأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ، وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ الْقُدُسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارٌ شَرِيعَةٌ لَهُمْ فَأَحَبَّ الشَّعْبُ جَمِيعَ قِدِّيسِيهِ وَهُمْ جَالِسُونَ عِنْدَ قَدَمِكَ يَتَقَبَّلُونَ مِنْ أَقْوَالِكَ» فَإِنَّ جَبَلَ فَارَانَ هُوَ حِيَالُ الْحِجَازِ. وَقَوْلُهُ:
«فَأَحَبَّ الشَّعْبُ جَمِيعَ قِدِّيسِيهِ» يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ: رُحَماءُ بَيْنَهُمْ [الْفَتْح: 29] ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَا يَنْطَبِقُ عَلَى هَذَا مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ وَقَوْلُهُ: قِدِّيسِيهِ يُفِيدُ مَعْنَى تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً [الْفَتْح: 29] وَمَعْنَى سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [الْفَتْح: 29] . وَقَوْلُهُ فِي «التَّوْرَاةِ» «جَالِسُونَ عِنْدَ قَدَمِكَ» يُفِيدُ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً [الْحَشْر: 8] . وَيَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ إِشَارَةً إِلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْوَصْفِ.
وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ.
ابْتِدَاءُ كَلَامٍ مُبْتَدَأٍ. وَيَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: فِي التَّوْراةِ وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست