responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 203
فَتًى غَيْرَ مَحْجُوبِ الْغِنَى عَنْ صَدِيقِهِ ... وَلَا مُظْهِرَ الشَّكْوَى إِذَا النَّعْلُ زَلَّتِ (1)
إِذْ لَمْ يَقُلْ: هُوَ فَتًى.
وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْأَظْهَرُ هُنَا إِذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ إِفَادَةَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بَيَانُ رَسُولِ اللَّهِ مَنْ هُوَ بَعْدَ أَنْ أَجْرَى عَلَيْهِ مِنَ الْأَخْبَارِ مِنْ قَوْلِهِ: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ [الْفَتْح: 27] إِلَى قَوْلِهِ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [الْفَتْح: 28] فَيُعْتَبَرُ السَّامِعُ كَالْمُشْتَاقِ إِلَى بَيَانِ: مَنْ هَذَا الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ؟ فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَيْ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَهَذَا مِنَ الْعِنَايَةِ وَالِاهْتِمَامِ بِذكر مناقبه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَتُعْتَبَرُ الْجُمْلَةُ الْمَحْذُوفُ مُبْتَدَؤُهَا مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا. وَفِيهِ وُجُوهٌ أُخَرُ لَا تَخْفَى، وَالْأَحْسَنُ مِنْهَا هَذَا.
وَفِي هَذَا نِدَاءٌ عَلَى إِبْطَالِ جَحُودِ الْمُشْرِكِينَ رِسَالَتَهُ حِينَ امْتَنَعُوا مِنْ أَنْ يُكْتَبَ فِي صَحِيفَةِ الصُّلْحِ «هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَقَالُوا: لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ» .
وَقَوْلُهُ: وَالَّذِينَ مَعَهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وأَشِدَّاءُ خَبَرًا عَنْهُ وَمَا بَعْدَهُ إِخْبَارٌ.
وَالْمَقْصُودُ الثَّنَاءُ عَلَى أَصْحَابِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمَعْنَى مَعَهُ: الْمُصَاحَبَةُ الْكَامِلَةُ بِالطَّاعَةِ وَالتَّأْيِيدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ. وَالْمُرَادُ: أَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ لَا خُصُوصُ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ.
وَإِنْ كَانُوا هُمُ الْمَقْصُودَ ابْتِدَاءً فَقَدْ عُرِفُوا بِصِدْقِ مَا عَاهَدُوا عَلَيْهِ اللَّهَ، وَلِذَلِكَ لَمَّا
انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمَطْلَبِ نَادِ يَا أَصْلَ السَّمُرَةِ
. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَالَّذِينَ مَعَهُ عَطْفًا عَلَى رَسُولَهُ مِنْ قَوْلِهِ: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ [التَّوْبَة: 33] . وَالتَّقْدِيرُ: وَأَرْسَلَ الَّذِينَ مَعَهُ، أَيْ أَصْحَابَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِرْسَالِ مَا يَشْمَلُ الْإِذْنَ لَهُمْ بِوَاسِطَة الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:

(1) البيتان لعبر الله بن الزبير (بِفَتْح الزَّاي وَكسر الْمُوَحدَة) الْأَسدي.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست