responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 200
وَالْمَوْعُودُ بِهِ صَادِقٌ بِدُخُولِهِمْ مَكَّةَ بِالْعُمْرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَهِيَ عُمْرَةُ الْقَضِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ دَخَلُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ آمِنِينَ وَحَلَقَ بَعْضُهُمْ وَقَصَّرَ بَعْضٌ غَيْرَ خَائِفِينَ إِذْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ، وَذَلِكَ أَقْرَبُ دُخُولٍ بَعْدَ هَذَا الْوَعْدِ، وَصَادِقٌ بِدُخُولِهِمُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَعَدَمُ الْخَوْفِ فِيهِ أَظْهَرُ. وَأَمَّا دُخُولُهُمْ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَلَمْ يَكُونُوا فِيهِ مُحْرِمِينَ.
قَالَ مَالِكٌ فِي «الْمُوَطَّأِ» بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَ قَتْلِ ابْنِ خَطَلٍ يَوْمَ الْفَتْحِ (وَلَمْ يَكُنْ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا وَاللَّهُ أعلم) .
ومُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ آمِنِينَ وَعَطَفَ عَلَيْهِ وَمُقَصِّرِينَ وَالتَّحْلِيقُ وَالتَّقْصِيرُ كِنَايَةٌ عَنِ التَّمَكُّنِ مِنْ إِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَذَلِكَ مِنِ اسْتِمْرَارِ الْأَمْنِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ حَكَتْ مَا رَآهُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رُؤْيَاهُ، أَيْ يَحْلِقُ مَنْ رَامَ الْحَلْقَ وَيُقَصِّرُ مَنْ رَامَ التَّقْصِيرَ، أَيْ لَا يُعْجِلُهُمُ الْخَوْفُ عَنِ الْحَلْقِ فَيَقْتَصِرُوا عَلَى التَّقْصِيرِ.
وَجُمْلَةُ لَا تَخافُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُؤَكِّدَةً لِ آمِنِينَ تَأْكِيدًا بِالْمُرَادِفِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْأَمْنَ كَامِلٌ مُحَقَّقٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مُؤَسَّسَةً عَلَى أَنَّ آمِنِينَ مَعْمُولٌ لِفِعْلِ تَدْخُلُّنَ وَأَنَّ لَا تَخافُونَ مَعْمُولٌ لِ آمِنِينَ، أَيْ آمَنِينَ أَمْنَ مَنْ لَا يَخَافُ، أَيْ لَا تَخَافُونَ غَدْرًا. وَذَلِكَ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُمْ يَكُونُونَ أَشَدَّ قُوَّةً مِنْ عَدُوِّهِمُ الَّذِي أَمنهم، وَهَذَا يومىء إِلَى حِكْمَةِ تَأْخِيرِ دُخُولِهِمْ مَكَّةَ إِلَى عَامٍ قَابِلٍ حَيْثُ يَزْدَادُونَ قُوَّةً وَاسْتِعْدَادًا وَهُوَ أَظْهَرُ فِي دُخُولِهِمْ عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ.
وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا لِتَفْرِيعِ الْأَخْبَارِ لَا لِتَفْرِيعِ الْمُخْبَرِ بِهِ لِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ سَابِقٌ عَلَى دُخُولِهِمْ وَعَلَى الرُّؤْيَا الْمُؤْذِنَةِ بِدُخُولِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ [الْفَتْح: 18] .
وَفِي إِيثَارِ فِعْلِ جَعَلَ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ دُونَ أَنْ يَقُولَ: فَتَحَ لَكُمْ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا أَوْ نَحْوَهُ إِفَادَةُ أَنَّ هَذَا الْفَتْحَ أَمْرُهُ عَجِيبٌ مَا كَانَ لِيَحْصُلَ مِثْلُهُ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ كَوَّنَهُ.
وَصِيغَةُ الْمَاضِي فِي جَعَلَ لِتَنْزِيلِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمُحَقَّقِ مَنْزِلَةَ الْمَاضِي، أَوْ لِأَنَّ جَعَلَ بِمَعْنَى قَدَّرَ. وَدون هُنَا بِمَعْنَى غير، وَمن (م) ابْتِدَائِيَّةٌ أَوْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 200
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست