responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 153
وَالِابْتِدَاءُ بِذِكْرِ الْمُنَافِقِينَ فِي التَّعْذِيبِ قَبْلَ الْمُشْرِكِينَ لِتَنْبِيهِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ كُفْرَ الْمُنَافِقِينَ خَفِيٌّ فَرُبَّمَا غَفَلَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ هَذَا الْفَرِيقِ أَوْ نَسُوهُ.
كَانَ الْمُنَافِقُونَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَى فَتْحِ مَكَّةَ وَلَا إِلَى عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ لِأَنَّهُمْ لَا يُحِبُّونَ أَنْ يَرَاهُمُ الْمُشْرِكُونَ مُتَلَبِّسِينَ بِأَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ مُظَاهِرِينَ لَهُمْ وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا يَحْسَبُونَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ يُدَافِعُونَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مَكَّةَ وَأَنَّهُ يَكُونُ النَّصْرُ لِلْمُشْرِكِينَ.
وَالتَّعْذِيبُ: إِيصَالُ الْعَذَابِ إِلَيْهِمْ وَذَلِكَ صَادِقٌ بِعَذَابِ الدُّنْيَا بِالسَّيْفِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ [التَّوْبَة: 14] وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ [التَّوْبَة:
73] ، وَبِالْوَجَلِ، وَحَذَرِ الِافْتِضَاحِ، وَبِالْكَمَدِ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْصُورِينَ سَالِمِينَ قَالَ تَعَالَى: قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ [آل عمرَان: 119] وَقَالَ: إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ [التَّوْبَة: 50] وَصَادِقْ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ وَهُوَ مَا خُصَّ بِالذِّكْرِ فِي آخِرِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ: وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ.
وَعَطْفُ الْمُنافِقاتِ نَظِيرُ عطف الْمُؤْمِناتِ [الْفَتْح: 5] الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّ نسَاء الْمُنَافِقين يشاركنهم فِي أَسْرَارِهِمْ وَيَحُضُّونَ مَا يُبَيِّتُونَهُ مِنَ الْكَيْدِ وَيُهَيِّئُونَ لَهُمْ إِيوَاءَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا زَارُوهُمْ.
وَقَوْلُهُ: الظَّانِّينَ صِفَةٌ لِلْمَذْكُورِينَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ فَإِنَّ حَقَّ الصِّفَةِ الْوَارِدَةِ بَعْدَ مُتَعَدِّدٍ أَنْ تَعُودَ إِلَى جَمِيعِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ لَفْظِيٌّ أَوْ مَعْنَوِيٌّ.
وَالسَّوْءُ بِفَتْحِ السِّينِ فِي قَوْلِهِ: ظَنَّ السَّوْءِ فِي قِرَاءَةِ جَمِيعِ الْعَشَرَةِ، وَأَمَّا فِي قَوْلِهِمْ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ فَهُوَ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِالْفَتْحِ أَيْضًا. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَحْدَهُ بِضَمِّ السِّينِ. وَالْمَفْتُوحُ وَالْمَضْمُومُ مُتَرَادِفَانِ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ وَمَعْنَاهُمَا الْمَكْرُوهُ ضِدُّ السُّرُورِ، فَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ: الْكَرْهُ وَالْكُرْهُ، الضّعف وَالضُّعْفُ، وَالضَّرُّ وَالضُّرُّ، وَالْبَأْسُ وَالْبُؤْسُ. هَذَا عَنِ الْكِسَائِيِّ وَتَبِعَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَبَيَّنَهُ الْجَوْهَرِيُّ بِأَنَّ الْمَفْتُوحَ مَصْدَرٌ وَالْمَضْمُومَ اسْمُ مَصْدَرٍ، إِلَّا أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ غَلَبَ الْمَفْتُوحُ فِي أَنْ يَقَعَ وَصْفًا لِمَذْمُومٍ مُضَافًا إِلَيْهِ مَوْصُوفُهُ كَمَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي قَوْله: وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ [98] ، وَغَلَبَ الْمَضْمُومُ فِي مَعْنَى الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ بِذَاتِهِ شَرٌّ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست