responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 148
للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمٌ بِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَبْرُزِ الْفَاعِلُ فِي وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ لِأَنَّ إِنْعَامَ اللَّهِ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ وَهِدَايَتَهُ مَعْلُومَةٌ وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِازْدِيَادِهِمَا.
وَإِتْمَامُ النِّعْمَةِ: إِعْطَاءُ مَا لَمْ يَكُنْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ مِنْ أَنْوَاعِ النِّعْمَةِ مِثْلَ إِسْلَامِ قُرَيْشٍ وَخَلَاصِ بِلَادِ الْحِجَازِ كُلِّهَا لِلدُّخُولِ تَحْتَ حُكْمِهِ، وَخُضُوعِ مَنْ عَانَدَهُ وَحَارَبَهُ، وَهَذَا يَنْظُرُ
إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [الْمَائِدَة: 3] فَذَلِكَ مَا وَعَدَ بِهِ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَحَصَلَ بَعْدَ سِنِينَ.
وَمَعْنَى وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً: يَزِيدَكَ هَدْيًا لَمْ يُسْبَقْ وَذَلِكَ بِالتَّوْسِيعِ فِي بَيَانِ الشَّرِيعَةِ وَالتَّعْرِيفِ بِمَا لَمْ يَسْبِقْ تَعْرِيفُهُ بِهِ مِنْهَا، فَالْهِدَايَةُ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ثَابِتَة للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَقْتِ بِعْثَتِهِ وَلَكِنَّهَا تَزْدَادُ بِزِيَادَةِ بَيَانِ الشَّرِيعَةِ وَبِسِعَةِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَكَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا يَدْعُو إِلَى سُلُوكِ طَرَائِقَ كَثِيرَةٍ فِي إِرْشَادِهِمْ وَسِيَاسَتِهِمْ وَحِمَايَةِ أَوْطَانِهِمْ وَدَفْعِ أَعْدَائِهِمْ، فَهَذِهِ الْهِدَايَةُ مُتَجَمِّعَةٌ مِنَ الثَّبَاتِ عَلَى مَا سَبَقَ هَدْيَهُ إِلَيْهِ، وَمِنَ الْهِدَايَةِ إِلَى مَا لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْهِدَايَةِ.
وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ: مُسْتَعَارٌ لِلدِّينِ الْحَقِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ. وتنوين صِراطاً لِلتَّعْظِيمِ. وَانْتَصَبَ صِراطاً عَلَى أَنَّهُ مفعول ثَان ليهدي بِتَضْمِينِ مَعْنَى الْإِعْطَاءِ، أَوْ بِنَزْعِ الْخَافِضِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَاتِحَةِ.
وَالنَّصْرُ الْعَزِيزُ: غَيْرُ نَصْرِ الْفَتْحِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ جَعَلَ عِلَّةَ الْفَتْحِ فَهُوَ مَا كَانَ مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ وَمَا عَقِبَهُ مِنْ دُخُولِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ فِي الْإِسْلَامِ بِدُونِ قِتَالٍ. وَبَعْثِهِمُ الْوُفُودَ إِلَى النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَتَلَقَّوْا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ وَيَعْلَمُوا أَقْوَامَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ. وَوُصْفُ النَّصْرِ بِالْعَزِيزِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ وَإِنَّمَا الْعَزِيزُ هُوَ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنْصُورُ، أَوْ أُرِيدَ بِالْعَزِيزِ الْمُعِزِّ كَالسَّمِيعِ فِي قَوْلِ عَمْرو بن معديكرب:
أَمِنْ رَيْحَانَةِ الدَّاعِي السَّمِيعِ أَيِ الْمُسْمِعِ، وَكَالْحَكِيمِ عَلَى أَحَدِ تَأْوِيلَيْنِ.
وَالْعِزَّةُ: الْمَنَعَةُ.
وَإِنَّمَا أُظْهِرَ اسْمُ الْجَلَالَةِ فِي قَوْلِهِ: وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ وَلَمْ يَكْتَفِ بِالضَّمِيرِ اهْتِمَامًا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست