responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 134
وَالْأُجُورُ هُنَا: أُجُورُ الْآخِرَةِ وَهِيَ ثَوَابُ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى.
فَالْخِطَابُ لِلْمُسْلِمِينَ الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ: فَلا تَهِنُوا الْآيَةَ.
وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْجُمْلَةِ قَوْلُهُ: وَتَتَّقُوا وَأَمَّا ذِكْرُ تُؤْمِنُوا فَلِلِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْإِيمَانِ.
وَوُقُوعُ تُؤْمِنُوا فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ مَعَ كَوْنِ إِيمَانِهِمْ حَاصِلًا يُعَيِّنُ صَرْفَ مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ فِيهِ إِلَى إِرَادَةِ الدَّوَامِ على الْإِيمَان إِذا لَا تَتَقَوَّمُ حَقِيقَةُ التَّقْوَى إِلَّا مَعَ سَبْقِ الْإِيمَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ إِلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا [الْبَلَد: 13- 17] الْآيَةَ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ جُمْلَةَ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ إِدْمَاجٌ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ جَوَابِ الشَّرْطِ هُوَ جملَة وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ. وَعطف وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ لِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ: يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ، أَيْ أَنَّ اللَّهَ يَتَفَضَّلُ عَلَيْكُمْ بِالْخَيْرَاتِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَمْوَالِكُمْ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْمُنَاسَبَاتُ أَحْسَنَ رَوَابِطَ لِنَظْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاعِظِ لِأَنَّ الْبُخْلَ بِالْمَالِ مِنْ بَوَاعِثِ الدُّعَاءِ إِلَى السَّلْمِ كَمَا عَلِمْتَ آنِفًا.
وَمَعْنَى الْآيَةِ: وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا بِاتِّبَاع مَا نهيتهم عَنْهُ يَرْضَ اللَّهُ مِنْكُمْ بِذَلِكَ وَيَكْتَفِ بِهِ وَلَا يَسْأَلْكُمْ زِيَادَةً عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ. فَيُعْلَمُ أَنَّ مَا يعنيه النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ بِقَدْرِ طَاقَتِهِمْ. وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي الْإِنْفَاقِ نَظِيرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي شَأْنِ الْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَادِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ [38] .
فَقَوله: وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ يُفِيدُ بِعُمُومِهِ وَسِيَاقِهِ مَعْنَى لَا يَسْأَلُكُمْ جَمِيعَ أَمْوَالِكُمْ، أَيْ إِنَّمَا يَسْأَلُكُمْ مَا لَا يُجْحِفُ بِكُمْ، فَإِضَافَةُ أَمْوَالٍ وَهُوَ جَمْعٌ إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ تُفِيدُ الْعُمُومَ، فَالْمَنْفِيُّ سُؤَالُ إِنْفَاقِ جَمِيعِ الْأَمْوَالِ، فَالْكَلَامُ مِنْ نَفْيِ الْعُمُومِ لَا مِنْ عُمُومِ النَّفْيِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ، وَمَا يَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: هَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْآيَةَ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست