responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 107
أَيْضًا تَنْوِيهًا بِشَأْنِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَأَفَادَ ذِكْرُهُ مُقَابَلَةً بَيْنَ حَالَيِ الْفَرِيقَيْنِ جَرْيًا عَلَى سُنَنِ هَذِهِ السُّورَةِ.
وَمَقَالُ الَّذِينَ آمَنُوا هَذَا كَانَ سَبَبًا فِي نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ [مُحَمَّد: 4] ، وَلِذَلِكَ فَالْمَقْصُودُ مِنَ السُّورَةِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ هَذِهِ السُّورَةُ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤمنِينَ هَذَا وَقع قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ:
إِمَّا لِقَصْدِ اسْتِحْضَارِ الْحَالَةِ مِثْلَ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ [هود: 38] ، وَإِمَّا لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَتَبَعًا لِذَلِكَ تَكُونُ إِذَا فِي قَوْلِهِ: فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ ظَرْفًا مُسْتَعْمَلًا فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي لِأَنَّ نُزُولَ السُّورَةِ قَدْ وَقَعَ، وَنَظَرُ الْمُنَافِقِينَ إِلَى الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا النَّظَرَ قَدْ وَقَعَ إِذْ لَا يَكُونُ ذَمُّهُمْ وَزَجْرُهُمْ قَبْلَ حُصُولِ مَا يُوجِبُهُ فَالْمَقَامُ دَالٌّ وَالْقَرِينَةُ وَاضِحَةٌ.
ولَوْلا حَرْفٌ مُسْتَعْمَلٌ هُنَا فِي التَّمَنِّي، وَأَصْلُ مَعْنَاهُ التَّخْصِيصُ فَأُطْلِقَ وَأُرِيدَ بِهِ التَّمَنِّي لِأَنَّ التَّمَنِّيَ يَسْتَلْزِمُ الْحِرْصَ وَالْحِرْصُ يَدْعُو إِلَى التَّحْضِيضِ.
وَحُذِفَ وُصْفُ سُورَةٌ فِي حِكَايَةِ قَوْلِهِمْ: لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ، أَيْ كَمَا تَمَنَّوُا اقْتَضَى أَنَّ الْمَسْئُولَ سُورَةٌ يُشَرَّعُ فِيهَا قِتَالُ الْمُشْرِكِينَ. فَالْمَعْنَى: لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ يُذْكَرُ فِيهَا الْقِتَالُ وَفَرْضُهُ، فَحُذِفَ الْوَصْفُ إِيجَازًا. وَوَصْفُ السُّورَةِ بِ مُحْكَمَةٌ بِاعْتِبَارِ وَصْفِ آيَاتِهَا بِالْإِحْكَامِ، أَيْ عَدَمِ التَّشَابُهِ وَانْتِفَاءِ الِاحْتِمَالِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مُقَابَلَةُ الْمُحْكَمَاتِ بِالْمُتَشَابِهَاتِ
فِي قَوْلِهِ: مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [7] ، أَيْ لَا تَحْتَمِلُ آيَاتُ تِلْكَ السُّورَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقِتَالِ إِلَّا وُجُوبَ الْقِتَالِ وَعَدَمَ الْهَوَادَةِ فِيهِ مِثْلُ قَوْلِهِ: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ [مُحَمَّد: 4] الْآيَاتَ، فَلَا جَرَمَ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ هِيَ الَّتِي نَزَلَتْ إِجَابَةً عَنْ تَمَنِّي الَّذِينَ آمَنُوا. وَإِنَّمَا قَالَ: وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ لِأَنَّ السُّورَةَ لَيْسَتْ كُلُّهَا مُتَمَحِّضَةٌ لِذِكْرِ الْقِتَالِ فَإِنَّ سُوَرَ الْقُرْآنِ ذَوَاتُ أَغْرَاضٍ شَتَّى.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست