responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 85
وَلَمَّا كَانَتِ الْحَسَنَةُ مَأْخُوذَةً مِنَ الْحُسْنِ جُعِلَتِ الزِّيَادَةُ فِيهَا مِنَ الزِّيَادَةِ فِي الْحُسْنِ مُرَاعَاةً لِأَصْلِ الِاشْتِقَاقِ فَكَانَ ذِكْرُ الْحُسْنِ مِنَ الْجِنَاسِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِجِنَاسِ الِاشْتِقَاقِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ [الرّوم: 43] ، وَصَارَ الْمَعْنَى نَزِدْ لَهُ فِيهَا مُمَاثِلًا لَهَا.
وَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِيهَا زِيَادَةٌ مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ وَلَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ بِعَمَلٍ يَعْمَلُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهَا تَصِيرُ عَمَلًا يَسْتَحِقُّ الزِّيَادَةَ أَيْضًا فَلَا تَنْتَهِي الزِّيَادَةُ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ الزِّيَادَةُ فِي جَزَاءِ أَمْثَالِهَا عِنْدَ اللَّهِ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها [الْأَنْعَام: 160] وَقَوْلِهِ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ [الْبَقَرَة: 261] ،
وَقَول النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ»
. وَجُمْلَةُ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ تَذْيِيلٌ وَتَعْلِيلٌ لِلزِّيَادَةِ لِقَصْدِ تَحْقِيقِهَا بِأَنَّ اللَّهَ كَثِيرَةٌ مَغْفِرَتِهِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا، كَثِيرٌ شُكْرُهُ لِلْمُتَقَرِّبِينَ إِلَيْهِ. وَالْمَقْصُودُ بِالتَّعْلِيلِ هُوَ وَصْفُ الشَّكُورِ، وَأَمَّا وَصْفُ الْغَفُورِ فَقَدْ ذُكِرَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى تَرْغِيبِ الْمُقْتَرِفِينَ السَّيِّئَاتِ فِي الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ لِيُغْفَرَ لَهُمْ فَلَا يَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَة الله.
[24]

[سُورَة الشورى (42) : آيَة 24]
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (24)
إِضْرَابٌ انْتِقَالِيٌّ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى: 21] وَهُوَ الْكَلَامُ الْمُضْرَبُ عَنْهُ وَالْمُنْتَقَلُ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ الِانْتِقَالُ إِلَى تَوْبِيخٍ
آخَرَ، فَالْهَمْزَةُ الْمُقَدِّرَةُ بَعْدَ أَمْ لِلِاسْتِفْهَامِ التَّوْبِيخِيِّ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ فَاسْتَحَقُّوا التَّوْبِيخَ عَلَيْهِ. وَالْمَعْنَى: أَمْ قَالُوا افْتَرَى وَيَقُولُونَهُ.
وَجِيءَ بِفِعْلِ يَقُولُونَ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ لِيَتَوَجَّهَ التَّوْبِيخُ لِاسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الشَّنِيعِ مَعَ ظُهُورِ دَلَائِلِ بُطْلَانِهِ. فَإِذَا كَانَ قَوْلُهُمْ هَذَا شَنَعًا مِنَ الْقَوْلِ فَاسْتِمْرَارُهُمْ عَلَيْهِ أَشْنَعُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست