responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 75
وَفِعْلُ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ يَتَحَمَّلُ مَعْنَيَيْنِ: أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي ثَوَابِ الْعَمَلِ، كَقَوْلِهِ:
وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ [الْبَقَرَة: 276] وَقَوْلِهِ: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ [الْبَقَرَة: 261] ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا قَوْلُهُ: وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً [الشورى: 23] . وَعَلَى هَذَا فَتَعْلِيقُ الزِّيَادَةِ بِالْحَرْثِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ عُلِّقَتِ الزِّيَادَةُ بِالْحَرْثِ وَحَقُّهَا أَنْ تُعَلَّقَ بِسَبَبِهِ وَهُوَ الثَّوَابُ، فَالْمَعْنَى عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ. وَأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي الْعَمَل، أُتِي نُقَدِّرُ لَهُ الْعَوْنَ عَلَى الِازْدِيَادِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَنُيَسِّرُ لَهُ ذَلِكَ فَيَزْدَادُ مِنَ الصَّالِحَاتِ. وَعَلَى هَذَا فَتَعْلِيقُ الزِّيَادَةِ بِالْحَرْثِ حَقِيقَةٌ فَيَكُونُ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمُرَكَّبِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ الْعَقْلِيَّيْنِ.
وَمَعْنَى نُؤْتِهِ مِنْها: نُقَدِّرُ لَهُ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا مِنْ: مُدَّةِ حَيَاةٍ وَعَافِيَةٍ وَرِزْقٍ لِأَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ لِمَخْلُوقَاتِهِ أَرْزَاقَهُمْ وَأَمْدَادَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَجَعَلَ حَظَّ الْآخِرَةِ خَاصًّا بِالْمُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ:
وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ [الْإِسْرَاء: 19] . وَقَدْ شَمِلَتْ آيَةُ سُورَةِ الْإِسْرَاءِ فَرِيقًا آخَرَ غَيْرَ مَذْكُورٍ هُنَا، وَهُوَ الَّذِي يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ وَيَبْتَغِي النَّجَاةَ فِيهَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِالْإِسْلَامِ مِثْلَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهَذَا الْفَرِيقُ مَذْكُورٌ أَيْضًا فِي سُورَةِ الْبَلَدِ [11- 17] بَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ إِلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا.
فَلَا يَتَوَهَّمَنَّ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَنَحْوَهَا تَحْجُرُ تَنَاوُلَ الْمُسْلِمِ حُظُوظَ الدُّنْيَا إِذَا أَدَّى حَقَّ الْإِيمَانِ وَالتَّكْلِيفِ، وَلَا أَنَّهَا تَصُدُّ عَنْ خَلْطِ الْحُظُوظِ الدُّنْيَوِيَّةِ مَعَ حُظُوظِ الْآخِرَةِ إِذَا وَقَعَ الْإِيفَاءُ بِكِلَيْهِمَا، وَلَا أَنَّ الْخَلْطَ بَيْنَ الْحَظَّيْنِ يُنَافِي الْإِخْلَاصَ كَطَلَبِ التَّبَرُّدِ مَعَ الْوُضُوءِ وَطَلَبِ الصِّحَّةِ مَعَ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ إِذَا كَانَ الْمَقْصِدُ الْأَصْلِيُّ الْإِيفَاءَ بِالْحَقِّ الدِّينِيِّ. وَقَدْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيُّ فِي فَصْلٍ أَوَّلٍ مِنَ الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةِ مِنَ النَّوْعِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ «الْمَقَاصِدِ» مِنْ كِتَابِ «الْمُوَافَقَاتِ» . وَذَكَرَ فِيهَا نَظَرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لِلْغَزَالِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ وَرَجَّحَ فِيهَا رَأْيَ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ فَانْظُرْهُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست