responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 68
وَالْمِيزَانَ، لِأَجْلِ مَا فِي الْمَوْصُولِيَّةِ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ الْآتِي، وَأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ، مِثْلَ الْمَوْصُولِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ [غَافِر: 60] .
وَلَامُ التَّعْرِيفِ فِي الْكِتابَ لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ، أَيْ إِنْزَالُ الْكُتُبِ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى قَوْلِهِ آنِفًا: وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ [الشورى: 15] .
وَالْبَاءُ فِي بِالْحَقِّ لِلْمُلَابَسَةِ، أَيْ أَنْزَلَ الْكُتُبَ مُقْتَرِنَةً بِالْحَقِّ بَعِيدَةً عَنِ الْبَاطِلِ.
وَالْحَقُّ: كُلُّ مَا يَحِقُّ، أَيْ يَجِبُ فِي بَابِ الصَّلَاحِ عَمَلُهُ وَيَصِحُّ أَنْ يُفَسَّرَ بِالْأَغْرَاضِ الصَّحِيحَةِ النَّافِعَةِ.
والْمِيزانَ حَقِيقَتُهُ: آلَةُ الْوَزْنِ، وَالْوَزْنُ: تَقْدِيرُ ثِقَلِ جِسْمٍ، وَالْمِيزَانُ آلَةٌ ذَاتُ كِفَّتَيْنِ مُعْتَدِلَتَيْنِ مُعَلَّقَتَيْنِ فِي طَرَفَيْ قَضِيبٍ مُسْتَوٍ مُعْتَدِلٍ، لَهُ عُرْوَةٌ فِي وَسَطِهِ، بِحَيْثُ لَا تَتَدَلَّى إِحْدَى الْكِفَّتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى إِذَا أُمْسِكَ الْقَضِيبُ مِنْ عُرْوَتِهِ. وَالْمِيزَانُ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِلْعَدْلِ وَالْهَدْيِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَنْزَلَ فَإِنَّ الدِّينَ هُوَ الْمُنَزَّلُ وَالدِّينُ يَدْعُو إِلَى الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ فِي الْمُجَادَلَةِ فِي الدِّينِ وَفِي إِعْطَاءِ الْحُقُوقِ، فَشُبِّهَ بِالْمِيزَانِ فِي تَسَاوِي رُجْحَانِ كِفَّتَيْهِ قَالَ تَعَالَى: وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [الْحَدِيد: 25] .
وَجُمْلَةُ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ، وَالْمُنَاسَبَةُ هِيَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ إِيذَانِ تِلْكَ الْجُمْلَةِ بِمُقَدَّرٍ.
وَكَلِمَةُ وَما يُدْرِيكَ جَارِيَةٌ مَجْرَى الْمَثَلِ، وَالْكَافُ مِنْهَا خِطَابٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ بِمَعْنَى:
قَدْ تَدْرِي، أَيْ قَدْ يَدْرِي الدَّارِي، فَ مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ وَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّنْبِيهِ وَالتَّهْيِئَةِ.
ويُدْرِيكَ مِنَ الدِّرَايَةِ بِمَعْنَى الْعِلْمِ. وَقَدْ عُلِّقَ فِعْلُ (يَدْرِي) عَنِ الْعَمَلِ بِحَرْفِ التَّرَجِّي.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كُلُّ مَا جَاءَ فِعْلُ (مَا أَدْرَاكَ) فَقَدْ أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِهِ أَيْ بَيَّنَهُ لَهُ عَقِبَ كَلِمَةِ (مَا أَدْرَاكَ) نَحْوَ وَما أَدْراكَ مَا هِيَهْ نارٌ حامِيَةٌ [القارعة: 10، 11] وَكُلُّ مَا جَاءَ فِيهِ وَما يُدْرِيكَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست