responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 62
فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَوْقِعِ فَاءِ التَّفْرِيعِ.
وَيَكُونُ الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ [8] .
وَالْأَهْوَاءُ: جَمْعُ هَوًى وَهُوَ الْمَحَبَّةُ، وَغَلَبَ عَلَى مَحَبَّةِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ، أَيِ ادْعُهُمْ إِلَى
الْحَقِّ وَإِنْ كَرِهُوهُ، وَاسْتَقِمْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ وَإِنْ عَادَاكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ تَتَّبِعُوا مِلَّتَهُمْ، وَهَذَا مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ [الْبَقَرَة: 120] .
وَقَوْلُهُ: وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَادْعُ أَمْرٌ بِمُخَالَفَةِ الْيَهُودِ إِذْ قَالُوا: نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ [النِّسَاء: 150] يَعْنُونَ التَّوْرَاةَ، وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ [النِّسَاء: 150] يَعْنُونَ الْإِنْجِيلَ وَالْقُرْآنَ، فَأمر الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ بِالْإِيمَانِ بِالْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ الْمُوحَى بِهَا مِنَ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ [آل عمرَان: 119] . فَالْمَعْنَى: وَقُلْ لِمَنْ يُهِمُّهُ هَذَا الْقَوْلُ وَهُمُ الْيَهُودُ. وَإِنَّمَا أُمِرَ بِأَنْ يَقُولَ ذَلِكَ إِعْلَانًا بِهِ وَإِبْلَاغًا لِأَسْمَاعِ الْيَهُودِ، فَلَا يُقَابِلُ إِنْكَارَهُمْ حَقِّيَّةَ كِتَابِهِ بِإِنْكَارِهِ حَقِّيَّةَ كِتَابِهِمْ وَفِي هَذَا إِظْهَارٌ لِمَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ دَعْوَتُهُ مِنَ الْإِنْصَافِ.
ومِنْ كِتابٍ بَيَانٌ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، فَالتَّنْكِيرُ فِي كِتابٍ لِلنَّوْعِيَّةِ، أَيْ بِأَيِّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ وَلَيْسَ يَوْمَئِذٍ كِتَابٌ مَعْرُوفٌ غَيْرَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ.
وَضَمِيرُ بَيْنَكُمُ خِطَابٌ لِلَّذِينِ أُمِرَ بِأَنْ يُوَجِّهَ هَذَا الْقَوْلَ إِلَيْهِمْ وَهُمُ الْيَهُودُ، أَيْ أُمِرْتُ أَنْ أُقِيمَ بَيْنَكُمُ الْعَدْلَ بِأَنْ أَدْعُوَكُمْ إِلَى الْحَقِّ وَلَا أَظْلِمَكُمْ لِأَجْلِ عَدَاوَاتِكُمْ وَلَكِنِّي أُنَفِّذُ أَمْرَ اللَّهِ فِيكُمْ وَلَا أَنْتَمِي إِلَى الْيَهُودِ وَلَا إِلَى النَّصَارَى. وَمَعْنَى بَيْنَكُمُ أَنَّنِي أُقِيمُ الْعَدْلَ بَيْنَكُمْ فَلَا تَرَوْنَ بَيْنَكُمْ جَوْرًا مِنِّي، فَ (بَيْنَ) هُنَا ظَرْفٌ مُتَّحِدٌ غَيْرُ مُوَزَّعٍ فَهُوَ بِمَعْنَى وَسَطَ الْجَمْعِ وَخِلَالَهُ، بِخِلَافِ (بَيْنَ) فِي قَوْلِ الْقَائِلِ: قَضَى بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ أَوْ قَسَّمَ الْمَالَ بَيْنَ الْعُفَاةِ. فَلَيْسَ الْمَعْنَى: لِأَعْدِلَ بَيْنَ فِرَقِكُمْ إِذْ لَا يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعَ كَوْنِهَا نَازِلَةً فِي مَكَّةَ فِي زَمَنِ ضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ إِعْجَازٌ بِالْغَيْبِ يَدُلُّ عَلَى أَن الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَكُونُ لَهُ الْحُكْمُ عَلَى يَهُودِ بِلَادِ الْعَرَبِ مِثْلِ أَهْلِ خَيْبَرَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست