responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 48
التَّشْبِيهَ، إِلَّا أَنَّ تَأْوِيلَ سَلَفِنَا كَانَ تَأْوِيلًا جُمْلِيًّا، وَتَأْوِيلَ خَلَفِهِمْ كَانَ تَأْوِيلًا تَفْصِيلِيًّا كَتَأْوِيلِهِمُ الْيَدَ بِالْقُدْرَةِ، وَالْعَيْنَ بِالْعِلْمِ، وَبَسْطَ الْيَدَيْنِ بِالْجُودِ، وَالْوَجْهَ بِالذَّاتِ، وَالنُّزُولَ بِتَمْثِيلِ حَالِ الْإِجَابَةِ وَالْقَبُولِ بِحَالِ نُزُولِ الْمُرْتَفِعِ مِنْ مَكَانِهِ الْمُمْتَنِعِ إِلَى حَيْثُ يَكُونُ سَائِلُوهُ لِيُنِيلَهُمْ مَا سَأَلُوهُ. وَلِهَذَا قَالُوا: طَرِيقَةُ السَّلَفِ أَسْلَمُ وَطَرِيقَةُ الْخَلَفِ أَعْلَمُ.
وَلَمَّا أَفَادَ قَوْلُهُ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ صِفَاتِ السُّلُوبِ أَعْقَبَ بِإِثْبَاتِ صِفَةِ الْعِلْمِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهِيَ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَذَلِكَ بِوَصْفِهِ بِ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الدَّالَّيْنِ عَلَى تَعَلُّقِ عِلْمِهِ بِالْمَوْجُودَاتِ مِنَ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمُبْصَرَاتِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ نَفْيَ مُمَاثَلَةِ الْأَشْيَاءِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنْ الِاتِّصَافِ بِمَا اتَّصَفَتْ بِهِ الْمَخْلُوقَاتُ مِنْ أَوْصَافِ الْكَمَالِ الْمَعْنَوِيَّةِ كَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَلَكِنْ صِفَاتُ الْمَخْلُوقَاتِ لَا تُشْبِهُ صِفَاتِهِ تَعَالَى فِي كَمَالِهَا لِأَنَّهَا فِي الْمَخْلُوقَاتِ عَارِضَةٌ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فِي مُنْتَهَى الْكَمَالِ، فَكَوْنُهُ تَعَالَى سَمِيعًا وَبَصِيرًا مِنْ جُمْلَةِ الصِّفَاتِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ ظِلَالِ التَّأْوِيلِ بِالْحَمْلِ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فَلَمْ يَقْتَضِيَا جَارِحَتَيْنِ. وَلَقَدْ كَانَ تَعْقِيبُ قَوْلِهِ ذَلِكَ بِهِمَا شَبِيهًا بِتَعْقِيبِ الْمَسْأَلَة بمثالها.
[12]

[سُورَة الشورى (42) : آيَة 12]
لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)
خَبَرٌ رَابِعٌ أَوْ خَامِسٌ عَنِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الشورى: 9] وَمَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ كَمَوْقِعِ الَّتِي قَبْلَهَا تَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ النَّتِيجَةِ لِمَا تَقَدَّمَهَا، لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْوَلِيُّ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ الْجُمَلُ بَعْدَهَا إِلَى قَوْلِهِ: يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ [الشورى: 11] مِنِ انْفِرَادِهِ بِالْخَلْقِ، ثَبَتَ أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالرِّزْقِ.
وَالْمَقَالِيدُ: جَمْعُ إِقْلِيدٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، أَوْ جَمْعُ مِقْلَادٍ، وَهُوَ الْمِفْتَاحُ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فِي سُورَةِ الزُّمَرِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست