responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 40
وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ فَاءُ جَوَابٍ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ مَقَامُ إِنْكَارِ اتِّخَاذِهِمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، لِأَنَّ إِنْكَارَ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ أَوْلِيَاءَهُمْ لَيْسَتْ جَدِيرَةً بِالْوِلَايَةِ، وَأَنَّهُمْ ضَلُّوا فِي وِلَايَتِهِمْ إِيَّاهَا، فَنَشَأَ تَقْدِيرُ شَرْطٍ مَعْنَاهُ: إِنْ أَرَادُوا وَلِيًّا بِحَقٍّ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ.
قَالَ السَّكَّاكِيُّ فِي «الْمِفْتَاحِ» : وَتَقْدِيرُ الشَّرْطِ لِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ قَالَ تَعَالَى:
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ [الْأَنْفَال: 17] عَلَى تَقْدِيرِ إِنِ افْتَخَرْتُمْ بِقَتْلِهِمْ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ، وَقَالَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ عَلَى تَقْدِيرِ: إِنْ أَرَادُوا وَلِيًّا بِحَقٍّ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ بِالْحَقِّ لَا وَلِيَّ سِوَاهُ.
وَالْمُرَادُ بِالْوَلَايَةِ فِي قَوْلِهِ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ، وَلَايَةُ الْمَعْبُودِيَّةِ، فَأَفَادَ تَعْرِيفَ الْمُسْنَدِ فِي قَوْلِهِ: فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ قَصْرَ جِنْسِ الْوَلِيِّ بِهَذَا الْوَصْفِ عَلَى اللَّهِ، وَإِذْ قَدْ عَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ تَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ قَصْرُ الْوَلَايَةِ الْحَقِّ عَلَيْهِ تَعَالَى.
وَأَفَادَ ضَمِيرُ الْفَصْلِ فِي قَوْلِهِ: فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ تَأْكِيدَ الْقَصْرِ وَتَحْقِيقَهُ وَأَنَّهُ لَا مُبَالَغَةَ فِيهِ تَذْكِيرًا بِأَنَّ الْوَلَايَةَ الْحَقَّ فِي هَذَا الشَّأْنِ مُخْتَصَّةٌ بِاللَّهِ تَعَالَى. وَهَذَا كُلُّهُ مَسُوقٌ إِلَى النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ تَسْلِيَةً وَتَثْبِيتًا وَتَعْرِيضًا بِالْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ لَا يَخْلُونَ مِنْ أَنْ يَسْمَعُوهُ.
وَعطف وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى عَلَى جُمْلَةِ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ إِدْمَاجٌ لِإِعَادَةِ إِثْبَاتِ الْبَعْثِ تَرْسِيخًا لِعِلْمِ الْمُسْلِمِينَ وَإِبْلَاغًا لِمَسَامِعِ الْمُنْكِرِينَ لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ فِي ضِمْنِ اتِّخَاذِهِمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَلَمَّا أَبْطَلَ مُعْتَقَدَهُمْ إِلَهِيَّةَ غَيْرِ اللَّهِ أَرْدَفَ بِإِبْطَالِ مَا هُوَ مِنْ عَلَائِقِ شِرْكِهِمْ وَهُوَ نَفْيُ الْبَعْثِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ اسْتِدْلَالًا عَلَيْهِمْ لِإِبْطَالِ إِلَهِيَّةِ آلِهَتِهِمْ لِأَنَّ وُقُوعَ الْبَعْثِ مَجْحُودٌ عِنْدَهُمْ. فَأَمَّا عَطْفُ جُمْلَةِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَهُوَ لِإِثْبَاتِ هَذِهِ الصِّفَةِ لِلَّهِ تَعَالَى تَذْكِيرًا بِانْفِرَادِهِ بِتَمَامِ الْقُدْرَةِ، وَيُفِيدُ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى إِمْكَانِ الْبَعْثِ قَالَ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الرّوم: 27] ، وَيُفِيدُ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى نَفْيِ الْإِلَهِيَّةِ عَنْ أَصْنَامِهِمْ لِأَنَّ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لَا يَصْلُحُ لِلْإِلَهِيَّةِ: قَالَ تَعَالَى:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست