responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 34
الصِّفَاتُ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِصِفَاتِ السُّلُوبِ مُقَدَّمَةً فِي تَرْتِيبِ عِلْمِ الْكَلَامِ عَلَى صِفَاتِ الْمَعَانِي- عِنْدَنَا-
وَالصِّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ.
وَالِاسْتِغْفَارُ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ: طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ بِحُصُولِ أَسْبَابِهَا لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَعْلَمُونَ مَرَاتِبَ الْمَغْفِرَةِ وَأَسْبَابَهَا، وَهُمْ لِكَوْنِهِمْ مِنْ عَالَمِ الْخَيْرِ وَالْهُدَى يَحْرِصُونَ عَلَى حُصُولِ الْخَيْرِ لِلْمَخْلُوقَاتِ وَعَلَى اهْتِدَائِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالطَّاعَاتِ وَيُنَاجُونَ نُفُوسَ النَّاسِ بِدَوَاعِي الْخَيْرِ، وَهِيَ الْخَوَاطِرُ الْمَلَكِيَّةُ. فَالْمُرَاد ب لِمَنْ فِي الْأَرْضِ [الشورى: 5] مَنْ عَلَيْهَا يَسْتَحِقُّونَ اسْتِغْفَارَ الْمَلَائِكَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ [غَافِر: 7] ثُمَّ قَالَ: وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِ [9] . وَقَدْ أَثْبَتَ الْقُرْآنُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَلْعَنُونَ مَنْ تَحِقُّ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ بَقَوْلِهِ تَعَالَى: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [161] . فَعُمُومُ مَنْ فِي الْأَرْضِ هُنَا مَخْصُوصٌ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَةُ سُورَةِ الْمُؤْمِنِ.
وَجُمْلَةُ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الشورى: 5] تَذْيِيلٌ لِجُمْلَةِ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ [الشورى: 5] إِلَى آخِرِهَا لِإِبْطَالِ وَهْمِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ شُرَكَاءَهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُمْ، وَلِذَلِكَ جِيءَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ بِصِيغَةِ الْقَصْرِ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ، أَيْ أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ لَا يَغْفِرُ لِأَحَدٍ. وَصُدِّرَتْ بِأَدَاةِ التَّنْبِيهِ لِلِاهْتِمَامِ بِمُفَادِهَا. وَقَدْ أَشَارَتِ الْآيَةُ إِلَى مَرَاتِبِ الْمَوْجُودَاتِ، وَهِيَ:
وَالْمَقْصُودُ رَفْعُ التَّبَعِيَّةِ عَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَدَمِ اسْتِجَابَتِهِمْ لِلتَّوْحِيدِ، أَيْ لَا تَخْشَ أَنْ نَسْأَلَكَ عَلَى عَدَمِ اهْتِدَائِهِمْ إِذْ مَا عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [107] .
وَإِذْ قَدْ كَانَ الْحَفِيظُ الْوَكِيل بِمَعْنًى كَانَ إِثْبَاتُ كَوْنِ اللَّهِ حَفِيظًا عَلَيْهِمْ وَنَفْيُ كَون الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكِيلًا عَلَيْهِمْ مُفِيدًا قَصْرَ الْكَوْنِ حَفِيظًا عَلَيْهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى دون الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَرِيقٍ غَيْرِ أَحَدِ طُرُقِ الْقَصْرِ الْمَعْرُوفَةِ فَإِنَّ هَذَا مِنْ صَرِيحِ الْقَصْرِ وَمَنْطُوقِهِ لَا مِنْ مَفْهُومِهِ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْقَصْرِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا، وَمِنْه قَول السموأل:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست