responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 32
الْآيَةَ، ثُمَّ قَوْلِهِ: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً [الشورى: 13] الْآيَاتِ، ثُمَّ قَوْلِهِ: فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ [الشورى: 15] ، وَقَوْلِهِ: قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً [الشورى: 23] الْآيَةَ.
وَقَوْلُهُ: الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ مُبْتَدَأٌ وَجُمْلَةُ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ خَبَرٌ عَنِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ.
وَالْحَفِيظُ: فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، أَيْ حَافِظٌ، وَتَخْتَلِفُ مَعَانِيهِ وَمَرْجِعُهَا إِلَى رِعَايَةِ الشَّيْءِ وَالْعِنَايَةِ بِهِ: وَيَكْثُرُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ كِنَايَةً عَنْ مُرَاقَبَةِ أَحْوَالِ الْمَرْقُوبِ وَأَعْمَالِهِ، وَبِاخْتِلَافِ مَعَانِيهِ تَخْتَلِفُ تَعْدِيَتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِحَرْفِ جَرٍّ يُنَاسِبُ الْمَعْنَى، وَقَدْ عُدِّيَ هُنَا بِحَرْفِ (عَلَى) كَمَا يُعَدَّى الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ.
وَالْوَكِيلُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَهُوَ الْمَوْكُولُ إِلَيْهِ عَمَلٌ فِي شَيْءٍ أَوِ اقْتِضَاءِ حَقٍّ. يُقَالُ:
وَكَّلَهُ عَلَى كَذَا، وَمِنْهُ الْوَكَالَةُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالْمُخَاصَمَةِ، وَيَكْثُرُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ كِنَايَةً عَنْ مُرَاقَبَةِ أَحْوَالِ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ وَأَعْمَالِهِ. وَقَدِ اسْتُعْمِلَ حَفِيظٌ وَ (وَكِيلٌ) هُنَا فِي اسْتِعْمَالِهِمَا الْكِنَائِيِّ عَنْ مُتَقَارِبِ الْمَعْنَى فَلِذَلِكَ قَدْ يُفَسِّرُ أَهْلُ اللُّغَةِ أَحَدَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ بِمَا يَقْرُبُ مِنْ تَفْسِيرِ اللَّفْظِ الْآخَرِ كَتَفْسِيرِ الْمُرَادِفِ بِمُرَادِفِهِ، وَذَلِكَ تَسَامُحٌ. فَعَلَى مَنْ يُرِيدُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِمَا إِلَى أَصْلِ مَادَّتَيْ (حَفِظَ) وَ (وَكَلَ) ، فَمَادَّةُ (حَفِظَ) تَقْتَضِي قِيَامَ الْحَدَثِ بِفَاعِلٍ وَتَعْدِيَتَهُ إِلَى مَفْعُولٍ، وَمَادَّةُ (وَكَلَ) تَقْتَضِي قِيَامَ الْحَدَثِ بِفَاعِلٍ وَتَعْدِيَتَهُ إِلَى مَفْعُولٍ وَتَجَاوُزَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَفْعُولِ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وَبِذَلِكَ كَانَ فِعْلُ (حَفِظَ) مُفِيدًا بِمُجَرَّدِ ذِكْرِ فَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ دُونَ احْتِيَاجٍ إِلَى مُتَعَلِّقٍ آخَرَ، بِخِلَافِ فِعْلِ (وَكَلَ)
فَإِفَادَتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى ذِكْرٍ أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ زَائِدٍ عَلَى الْمَفْعُولِ وَمِنْ عَلَائِقِهِ، فَلِذَلِكَ أُوثِرَ وَصْفُ حَفِيظٌ هُنَا بِالْإِسْنَادِ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ عَنْ أَنْ يُكَلِّفَهُ غَيْرُهُ حِفْظَ شَيْءٍ فَهُوَ فَاعِلُ الْحِفْظِ، وَأُوثِرَ وَصْفُ (وَكِيلٍ) بِالْإِسْنَادِ إِلَى ضمير النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّفْهُ بِأَكْثَرِ مِنَ التَّبْلِيغِ، وَالْمَعْنَى: اللَّهُ رَقِيبٌ عَلَيْهِمْ لَا أَنْتَ وَمَا أَنْتَ بِمُوَكَّلٍ مِنَ اللَّهِ عَلَى جَبْرِهِمْ عَلَى الْإِيمَانِ. وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُهُ فِي آخِرِ هَذِهِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست