responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 278
وَذَلِكَ مِنْ مَعَانِي بَرَكَتِهَا وَكَمْ لَهَا مِنْ بَرَكَاتٍ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ، وَلَعَلَّ تِلْكَ الْبَرَكَةَ تسري إِلَى شؤونهم الصَّالِحَةِ مِنْ أُمُورِ دُنْيَاهُمْ.
فَبَرَكَةُ اللَّيْلَةِ الَّتِي أُنْزِلُ فِيهَا الْقُرْآنُ بَرَكَةٌ قَدَّرَهَا اللَّهُ لَهَا قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ لِيَكُونَ الْقُرْآنُ بِابْتِدَاءِ نُزُولِهِ فِيهَا مُلَابِسًا لِوَقْتٍ مُبَارَكٍ فَيَزْدَادُ بِذَلِكَ فَضْلًا وَشَرَفًا، وَهَذَا مِنَ الْمُنَاسَبَاتِ الْإِلَهِيَّةِ الدَّقِيقَةِ الَّتِي أَنْبَأَنَا اللَّهُ بِبَعْضِهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّهَ أَمَدَّهَا بِتِلْكَ الْبَرَكَةِ فِي كُلِّ عَامٍ كَمَا أَوْمَأَ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ إِذْ قَالَهُ بَعْدَ أَنْ مَضَى عَلَى ابْتِدَاءِ نُزُولِ الْقُرْآنِ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَوْلُهُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [الْقدر: 3] وَقَوْلُهُ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ وَقَوْلُهُ: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ اللَّيْلَةَ الْمُبَارَكَةَ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ.
وَاخْتُلِفَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي ابْتُدِئَ فِيهَا نُزُولُ الْقُرْآنِ على النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لَيَالِي رَمَضَانَ، فَقِيلَ: هِيَ لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْهُ ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْبَاقِرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ [الْأَنْفَال: 41] فَإِنَّ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ بِبَدْرٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَبِيحَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً من رَمَضَان اهـ. أَيْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ: وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا [الْأَنْفَال: 41] أَنَّهُ ابْتِدَاءُ نُزُولِ الْقُرْآنِ. وَفِي الْمُرَادِ بِ مَا أَنْزَلْنا احْتِمَالَاتٌ تَرْفَعُ الِاحْتِجَاجَ بِهَذَا التَّأْوِيلِ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ نُزُولِ الْقُرْآنِ كَانَ فِي مِثْلِ لَيْلَةِ يَوْمِ
بَدْرٍ. وَالَّذِي يَجِبُ الْجَزْمُ بِهِ أَنَّ لَيْلَةَ نُزُولِ الْقُرْآنِ كَانَتْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَأَنَّهُ كَانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَلَمَّا تَضَافَرَتِ الْأَخْبَارُ
أَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «اطْلُبُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فِي ثَالِثَةٍ تَبْقَى فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى»
. فَالَّذِي نَعْتَمِدُهُ أَنَّ الْقُرْآنَ ابْتُدِئَ نُزُولُهُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، إِلَّا إِذَا حُمِلَ
قَول النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اطْلُبُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ»
عَلَى خُصُوصِ اللَّيْلَةِ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 278
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست