responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 27
رُسُلُهُمْ. فَحَصَلَ هَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي بِغَايَةِ الْإِيجَازِ مَعَ حُسْنِ مَوْقِعِ الِاسْتِطْرَادِ.
وَإِجْرَاءُ وَصْفَيِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ عَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا لِأَنَّ لهاتين الصفتين مزِيد اخْتِصَاصٍ بِالْغَرَضِ الْمَقْصُودِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يَصْطَفِي مَنْ يَشَاء لرسالته. ف الْعَزِيزُ الْمُتَصَرِّفُ بِمَا يُرِيدُ لَا يَصُدُّهُ أَحَدٌ. والْحَكِيمُ يُحَمِّلُ كَلَامَهُ مَعَانِيَ لَا يَبْلُغُ إِلَى مِثْلِهَا غَيْرُهُ، وَهَذَا مِنْ مُتَمِّمَاتِ الْغَرَضِ الَّذِي افْتُتِحَتْ بِهِ السُّورَةُ وَهُوَ الْإِشَارَةُ إِلَى تَحَدِّي الْمُعَانِدِينَ بِأَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِ سُوَرِ الْقُرْآنِ.
وَجُمْلَةُ كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ إِلَى آخِرِهَا ابْتِدَائِيَّةٌ، وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ مِنْ قَوْلِهِ كَذلِكَ عَلَى يُوحِي إِلَيْكَ لِلِاهْتِمَامِ بِالْمُشَارِ إِلَيْهِ وَالتَّشْوِيقِ بِتَنْبِيهِ الْأَذْهَانِ إِلَيْهِ، وَإِذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي الْكَلَامِ مَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُشَارًا إِلَيْهِ بِ كَذلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ مُقَدَّرٌ مَعْلُومٌ مِنَ الْفِعْلِ الَّذِي بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ وَهُوَ الْمَصْدَرُ الْمَأْخُوذُ مِنَ الْفِعْلِ، أَيْ كَذَلِكَ الْإِيحَاءِ يُوحِي إِلَيْكَ اللَّهُ. وَهَذَا اسْتِعْمَالٌ مُتَّبَعٌ فِي نَظَائِرِ هَذَا التَّرْكِيبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [143] . وَأَحْسَبُ أَنَّهُ مِنْ مُبْتَكَرَاتِ الْقُرْآنِ إِذْ لَمْ أَقِفْ عَلَى مِثْلِهِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَبْلَ الْقُرْآنِ. وَمَا ذَكَرَهُ الْخَفَاجِيُّ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ تَنْظِيرِهِ بِقَوْلِ زُهَيْرٍ:
كَذَلِكَ خَيْمُهُمْ وَلِكُلِّ قَوْمٍ ... إِذَا مَسَّتْهُمُ الضَّرَّاءُ خَيْمُ
لَا يَصِحُّ لِأَنَّ بَيْتَ زُهَيْرٍ مَسْبُوقٌ بِمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُشَارًا إِلَيْهِ، وَقَدْ فَاتَنِي التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْآيَاتِ فَعَلَيْكَ بِضَمِّ مَا هُنَا إِلَى مَا هُنَالِكَ.
وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِفَةٌ لِمَفْعُولٍ مُطْلَقٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ يُوحِي أَيْ إِيحَاءً كَذَلِكَ الْإِيحَاءِ الْعَجِيبِ. وَالْعُدُولُ عَنْ صِيغَةِ الْمَاضِي إِلَى صِيغَةِ الْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ: يُوحِي لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ إِيحَاءَهُ إِلَيْهِ مُتَجَدِّدٌ لَا يَنْقَطِعُ فِي مُدَّةِ حَيَاتِهِ الشَّرِيفَةِ لِيَيْأَسَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ إِقْلَاعِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا [الشورى: 52] وَقَوْلِهِ: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا [الشورى: 7] إِذْ لَا غَرَضَ فِي إِفَادَةِ مَعْنَى التَّجَدُّدِ هُنَاكَ. وَأَمَّا مُرَاعَاةُ التَّجَدُّدِ هُنَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست