responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 269
وَالْبَرَكَةُ: الزِّيَادَةُ فِي الْخَيْرِ.
وَقَدْ ذُكِرَ مَعَ التَّنْزِيهِ أَنَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لِاقْتِضَاءِ الرُّبُوبِيَّةِ التَّنْزِيهُ عَنِ الْوَلَدِ الْمَسُوقِ الْكَلَامِ لِنَفْيِهِ، وَعَنِ الشَّرِيكِ الْمَشْمُولِ لِقَوْلِهِ: عَمَّا يَصِفُونَ [الزخرف: 82] ، وَذُكِرَ مَعَ التَّبْرِيكِ وَالتَّعْظِيمِ أَنَّ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لِمُنَاسَبَةِ الْمُلْكِ لِلْعَظَمَةِ وَفَيْضِ الْخَيْرِ، فَلَا يَرِيبُكَ أَنَّ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الزخرف: 82] مُغْنٍ عَنِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، لِأَنَّ غَرَضَ الْقُرْآنِ التَّذْكِيرُ وَأَغْرَاضُ التَّذْكِيرِ تُخَالِفُ أَغْرَاضَ الِاسْتِدْلَالِ وَالْجَدَلِ، فَإِنَّ التَّذْكِيرَ يُلَائِمُ التَّنْبِيهَ عَلَى مُخْتَلَفِ الصِّفَاتِ بِاخْتِلَافِ الِاعْتِبَارَاتِ وَالتَّعَرُّضِ لِلِاسْتِمْدَادِ مِنَ الْفَضْلِ. ثُمَّ إِنَّ صِيغَةَ تَبارَكَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَرَكَةَ ذَاتِيَّةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَيَقْتَضِي اسْتِغْنَاءَهُ عَنِ الزِّيَادَةِ بِاتِّخَاذِ الْوَلَدِ وَاتِّخَاذِ الشَّرِيكِ، فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَانَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ
اسْتِدْلَالًا آخَرَ تَابِعًا لِدَلِيلِ قَوْلِهِ: سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ [الزخرف: 82] .
وَقَدْ تَأَكَّدَ انْفِرَادُهُ بِرُبُوبِيَّةِ أَعْظَمِ الْمُوجُودَاتِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِقَوْلِهِ: رَبِّ الْعَرْشِ [الزخرف: 82] وَقَوْلِهِ: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ [الزخرف: 84] وَقَوْلِهِ:
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما.
فَكَمْ مِنْ خَصَائِصَ وَنُكَتٍ تَنْهَالُ عَلَى الْمُتَدَبِّرِ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ الَّتِي لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ.
وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مُفِيدًا التَّصَرُّفَ فِي هَذِهِ الْعَوَالِمِ مُدَّةَ وُجُودِهَا وَوُجُودِ مَا بَيْنَهَا أَرْدَفَهُ بِقَوْلِهِ: وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ لَهُ مَعَ مُلْكِ الْعَوَالِمِ الْفَانِيَةِ مُلْكُ الْعَوَالِمِ الْبَاقِيَةِ، وَأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِي تِلْكَ الْعَوَالِمِ بِمَا فِيهَا بِالتَّنْعِيمِ وَالتَّعْذِيبِ، فَكَانَ قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَإِدْمَاجًا لِإِثْبَاتِ الْبَعْثِ. وَتَقْدِيمِ الْمَجْرُورِ فِي إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ لِقَصْدِ التَّقَوِّي إِذْ لَيْسَ الْمُخَاطَبُونَ بِمُثْبِتِينَ رُجْعَى إِلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ أَصْلًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لِلْأَصْنَامِ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ [يُونُس: 18] فَمُرَادُهُمْ أَنَّهُمْ شُفَعَاءُ لَهُمْ فِي

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 269
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست