responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 254
وَجِيءَ فِي قَوْلِهِ: وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ بِالْمُسْنِدِ إِلَيْهِ مُخْبَرًا عَنْهُ بِالْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ لِإِفَادَةِ التَّقَوِّي فِي نَفْيِ الْحُزْنِ عَنْهُمْ، فَالتَّقَوِّي أَفَادَ تَقَوِّيِ النَّفْيِ لَا نَفْيَ قُوَّةِ الْحُزْنِ الصَّادِقِ بِحُزْنٍ غَيْرِ قَوِيٍّ. هَذَا هُوَ طَرِيقُ الِاسْتِعْمَالِ فِي نَفْسِ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت: 46] ، تَطْمِينًا لِأَنْفُسِهِمْ بِانْتِفَاءِ الْحُزْنِ عَنْهُمْ فِي أَزْمِنَةِ الْمُسْتَقْبَلِ، إِذْ قَدْ يَهْجِسُ بِخَوَاطِرِهِمْ هَلْ يَدُومُ لَهُمُ الْأَمْنُ الَّذِي هُمْ فِيهِ.
وَجُمْلَةُ الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا نَعْتٌ لِلْمُنَادَى مِنْ قَوْله: يَا عِبادِ جِيءَ فِيهَا بِالْمَوْصُولِ لِدَلَالَةِ الصِّلَةِ عَلَى عِلَّةِ انْتِفَاءِ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ عَنْهُمْ، وَعُطِفَ عَلَى الصِّلَةِ قَوْلُهُ:
وَكانُوا مُسْلِمِينَ. وَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الصِّلَتَيْنِ إِذْ كَانَتْ أُولَاهُمَا فِعْلًا مَاضِيًا وَالثَّانِيَةُ فِعْلَ كَوْنٍ مُخْبَرًا عَنْهُ بَاسِمِ فَاعِلٍ لِأَنَّ الْإِيمَانَ: عَقْدُ الْقَلْبِ يَحْصُلُ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَهُوَ الْإِتْيَانُ بِقَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ الْخَمْسِ كَمَا جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي حَدِيثِ سُؤَالِ جِبْرِيلَ، فَهُوَ مَعْرُوضٌ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ النَّفْسِ فَلِذَلِكَ أُوثِرَ بِفِعْلِ (كَانَ) الدَّالِّ عَلَى اتِّحَادِ خَبَرِهِ بِاسْمِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ مِنْ قِوَامِ كِيَانِهِ.
وَعَطَفَ أَزْوَاجَهُمْ عَلَيْهِمْ فِي الْإِذْنِ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ التَّمَتُّعِ بِالْخُلَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِمْ فِي الدُّنْيَا.
وتُحْبَرُونَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ مُضَارِعُ حُبِرَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَفِعْلُهُ حَبَرَهُ، إِذَا سَرَّهُ، وَمَصْدَرُهُ الْحَبْرُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، وَالِاسْمُ الْحُبُورُ وَالْحَبْرَةُ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ فِي سُورَةِ الرُّومِ [15] .
وَجُمْلَةُ يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ إِلَخْ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْقَوْلِ فَلَيْسَ فِي ضَمِيرِ
عَلَيْهِمْ الْتِفَاتٌ بَلِ الْمَقَامُ لِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ.
والصحاف: جمع صَحْفَة، وَهِي: إِنَاءٌ مُسْتَدِيرٌ وَاسِعُ الْفَمِ يَنْتَهِي أَسْفَلُهُ بِمَا يُقَارب التكوير. والصحفة: إِنَاءٌ لِوَضْعِ الطَّعَامِ أَوِ الْفَاكِهَةِ مِثْلُ صِحَافِ الْفَغْفُورِيِّ الصِّينِيِّ تَسَعُ شِبَعَ خَمْسَةٍ، وَهِيَ دُونُ الْقَصْعَةِ الَّتِي تَسَعُ شِبَعَ عشرَة. وَقد ورد أَن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابَ اتَّخَذَ صِحَافًا عَلَى عَدَدِ أَزوَاج النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُؤْتَى إِلَيْهِ بِفَاكِهَةٍ أَوْ طُرْفَةٍ إِلَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِنَّ مِنْهَا فِي تِلْكَ الصِّحَافِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست