responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 221
الْمَعْدُودِ أَبْلَغَ كَلَامٍ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْإِيجَازِ إِذْ وَقَفَ، وَاسْتَوْقَفَ، وَبَكَى وَاسْتَبْكَى.
وَذَكَرَ الْحَبِيبَ، وَالْمَنْزِلَ فِي مِصْرَاعٍ. وَهَذِهِ الْآيَةُ لَا تَتَجَاوَزُ مِقْدَارَ ذَلِكَ الْمِصْرَاعِ وَعِدَّةُ مَعَانِيهَا عَشَرَةٌ فِي حِينَ كَانَتْ مَعَانِي مِصْرَاعِ امْرِئِ الْقَيْسِ سِتَّةً مَعَ مَا تَزِيدُ بِهِ هَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْخُصُوصِيَّاتِ، وَهِيَ التَّأْكِيدُ بِ (إِنَّ) وَاللَّامِ وَالْكِنَايَةِ وَمُحَسِّنِ التَّوْجِيهِ.
وَالذِّكْرُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرَ الْعَقْلِ، أَيِ اهْتِدَاءَهُ لِمَا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ، فَشُبِّهَ بِتَذَكُّرِ الشَّيْءِ الْمَنْسِيِّ وَهُوَ مَا فُسِّرَ بِهِ كَثِيرُ الذِّكْرِ بِالتَّذْكِيرِ، أَيِ الْمَوْعِظَةِ. وَيَحْتَمِلُ ذِكْرَ اللِّسَانِ، أَيْ أَنَّهُ يُكْسِبُكَ وَقَوْمَكَ ذِكْرًا، وَالذِّكْرُ بِهَذَا الْمَعْنَى غَالِبٌ فِي الذِّكْرِ بِخَبَرِهِ.
وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْقُرْآنَ سَبَبُ الذِّكْرِ لِأَنَّهُ يُكْسِبُ قَوْمَهُ شَرَفًا يُذْكَرُونَ بِسَبَبِهِ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا التَّفْسِيرُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَدِيٍّ وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: «وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ يَعْنِي الْقُرْآنُ شَرَفٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَاحْتَاجَ أَهْلُ اللُّغَاتِ كُلِّهَا إِلَى لِسَانِهِمْ كُلُّ مَنْ آمَنَ بِذَلِكَ فَشَرُفُوا بِذَلِكَ عَلَى سَائِرِ أهل اللّغات» .
وَيُقَال ابْنُ عَطِيَّةَ «قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ فَإِذَا قَالُوا لَهُ: فَلِمَنْ يَكُونُ الْأَمْرُ بَعْدَكَ؟ سَكَتَ حَتَّى إِذَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَكَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: لِقُرَيْشٍ»
. وَدَرَجَ عَلَيْهِ كَلَامُ «الْكَشَّافِ» .
فَفِي لَفْظِ ذِكْرٌ مُحَسِّنُ التَّوْجِيهِ فَإِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ أَنَّ ذِكْرَهُ وَقَوْمَهُ بِالثَّنَاءِ يَسْتَلْزِمُ ذَمَّ مَنْ خَالَفَهُمْ كَانَ فِيهِ تَعْرِيضٌ بِالْمُعْرِضِينَ عَنْهُ. وَقَومه هُمْ قُرَيْشٌ لِأَنَّهُمُ الْمَقْصُودُ بِالْكَلَامِ أَوْ جَمِيعُ الْعَرَبِ لِأَنَّهُمْ شَرُفُوا بِكَوْنِ الرّسول الْأَعْظَم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ وَنُزُولِ الْقُرْآنِ بِلُغَتِهِمْ، وَقَدْ ظَهَرَ ذَلِكَ الشَّرَفُ لَهُمْ فِي سَائِرِ الْأَعْصُرِ إِلَى الْيَوْمِ، وَلَوْلَاهُ مَا كَانَ لِلْعَرَبِ مَنْ يَشْعُرُ بِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الْعَظِيمَةِ الْغَالِبَةِ عَلَى الْأَرْضِ.
وَهَذَا ثَنَاءٌ سَابِعٌ عَلَى الْقُرْآنِ.
وَالسُّؤَالُ فِي قَوْله: وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ سُؤَالُ تَقْرِيرٍ. فَسُؤَالُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست