responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 218
وَقَدِ اسْتَعْمَلَ مُنْتَقِمُونَ لِلزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ اسْتِعْمَالَ اسْمِ الْفَاعِلِ فِي الِاسْتِقْبَالِ، وَهُوَ مَجَازٌ شَائِعٌ مُسَاوٍ لِلْحَقِيقَةِ وَالْقَرِينَةُ قَوْلُهُ: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ.
وَالْمُرَادُ بِ الَّذِي وَعَدْناهُمْ الِانْتِقَامُ الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ. وَقَدْ أَرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الِانْتِقَامَ مِنْهُمْ بِقَتْلِ صَنَادِيدِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ تَعَالَى: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ
الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ
[الدُّخان: 16] وَالْبَطْشَةُ هِيَ بَطْشَةُ بَدْرٍ.
وَجُمْلَةُ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَاقْتَرَنَ بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ، وَإِنَّمَا صِيغَ كَذَلِكَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى ثَبَاتِ الِانْتِقَامِ وَدَوَامِهِ، وَأَمَّا جُمْلَةُ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ فَهِيَ دَلِيلُ جَوَابِ جُمْلَةِ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ الْمَعْطُوفَةِ عَلَى جُمْلَةِ الشَّرْطِ لِأَنَّ اقْتِدَارَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّقًا عَلَى إراءته الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِانْتِقَامَ مِنْهُمْ، فَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ لَا مَحَالَةَ لِقَصْدِ التَّهْوِيلِ. وَتَقْدِيرُهُ: أَوْ إِمَّا نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ، وَهُوَ الِانْتِقَامُ تَرَ انْتِقَامًا لَا يُفْلِتُونَ مِنْهُ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مقتدرون، أَي مُقْتَدِرُونَ الْآنَ فَاسْمُ الْفَاعِلِ مُسْتَعْمَلٌ فِي زَمَانِ الْحَالِ وَهُوَ حَقِيقَتُهُ.
وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ دَلِيلًا عَلَى الْجَوَابِ الْمَحْذُوفِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ: أَوْ إِمَّا نُرِيَنَّكَ الِانْتِقَامَ مِنْهُمْ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ. وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورَيْنِ مِنْهُمْ وعَلَيْهِمْ عَلَى مُتَعَلِّقَيْهِمَا لِلِاهْتِمَامِ بِهِمْ فِي التَّمَكُّنِ بِالِانْتِقَامِ وَالِاقْتِدَارِ عَلَيْهِمْ.
وَالْوَعْدُ هُنَا بِمَعْنَى الْوَعِيدِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ قَبْلَهُ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ فَإِنَّ الْوَعْدَ إِذَا ذُكِرَ مَفْعُولُهُ صَحَّ إِطْلَاقُهُ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ مَفْعُولُهُ انْصَرَفَ لِلْخَيْرِ وَأَمَّا الْوَعِيدُ فَهُوَ لِلشَّرِّ دَائِمًا.
وَالِاقْتِدَارُ: شِدَّةُ الْقُدْرَةِ، وَاقْتَدَرَ أَبْلَغُ مِنْ قَدَرَ. وَقَدْ غَفَلَ صَاحِبُ «الْقَامُوسِ» عَنِ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ. وَقَدِ اشْتَمَلَ هَذَانِ الشَّرْطَانِ وَجَوَابَاهُمَا عَلَى خَمْسَةِ مُؤَكِّدَاتٍ وَهِيَ (مَا) الزَّائِدَةُ، وَنُونُ التَّوْكِيدِ، وَحَرْفُ (إِنَّ) لِلتَّوْكِيدِ، وَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ، وَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ عَلَى مُنْتَقِمُونَ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست