responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 17
يَنْظُرُوا فِي دَلَالَةِ الْقُرْآنِ أَوْ لَمْ يُطِيلُوا النَّظَرَ وَلَمْ يَبْلُغُوا بِهِ حَدَّ الِاسْتِدْلَالِ.
وَأَمَّا قَادَتُهُمْ وَكُبَرَاؤُهُمْ وَأَهْلُ الْعُقُولِ مِنْهُمْ فَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَلَكِنَّهُمْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ حُبُّ الرِّئَاسَةِ عَلَى أَنَّهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِي هَذَا الْعِلْمِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَدٍّ قَرِيبٍ مِنْ حَالَةِ الدَّهْمَاءِ وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ أَلْقَى بَيْنَهُمْ هَذَا التَّشْكِيكَ تَغْلِيبًا وَمُرَاعَاةً لِاخْتِلَافِ دَرَجَاتِ الْمُعَانِدِينَ وَمُجَارَاةً لَهُمُ ادِّعَاءَهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَهْتَدُوا نَظَرًا لِقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ [فصلت: 5] .
وثُمَّ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ كَفَرْتُمْ لِلتَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ لِأَنَّ الْكُفْرَ بِمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَمْرُهُ أَخْطَرُ مِنْ كَوْنِ الْقُرْآنِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
ومِنْ الْأُولَى لِلِاسْتِفْهَامِ وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى النَّفْيِ، أَيْ لَا أَضَلَّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ إِذَا تَحَقَّقَ الشَّرْطُ.
ومِنْ الثَّانِيَة مَوْصُولَة وَمَا صدقهَا الْمُخَاطَبُونَ بِقَوْلِهِ: كَفَرْتُمْ بِهِ فَعَدَلَ عَنِ الْإِضْمَارِ إِلَى طَرِيقِ الْمَوْصُولِ لِمَا تَأْذَنُ بِهِ الصِّلَةُ مِنْ تَعْلِيلِ أَنَّهُمْ أَضَلُّ الضَّالِّينَ بِكَوْنِهِمْ
شَدِيدِي الشِّقَاقِ، وَذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِمْ أَشَدَّ الْخَلْقِ عُقُوبَةً لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّ الضَّلَالَ سَبَبٌ لِلْخُسْرَانِ.
وَالشِّقَاقُ: الْعِصْيَانُ. وَالْمُرَادُ: عِصْيَانُ أَمْرِ اللَّهِ لِظُهُورِ أَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى هَذَا الْفَرْضِ بَيْنَنَا.
وَالْبَعِيدُ: الْوَاسِعُ الْمَسَافَةِ، واستعير هُنَا للشديد فِي جِنْسِهِ، وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ لِلضَّلَالِ لِأَنَّ الضَّلَالَ أَصْلُهُ عَدَمُ الِاهْتِدَاءِ إِلَى الطَّرِيقِ، وَأَنَّ الْبُعْدَ مُنَاسِبٌ لِلشِّقَاقِ لِأَنَّ الْمُنْشَقَّ قَدْ فَارَقَ الْمُنْشَقَّ عَنْهُ فَكَانَ فِرَاقُهُ بَعِيدًا لَا رَجَاءَ مَعَهُ لِلدُّنُوِّ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [176] .
وَفِعْلُ أَرَأَيْتُمْ مُعَلَّقٌ عَنِ الْعَمَلِ لِوُجُودِ الِاسْتِفْهَامِ بَعْدَهُ، وَالرُّؤْيَةُ عِلْمِيَّةٌ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 17
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست