responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 160
وَثَنَايَاكِ إِنَّهَا إِغْرِيضُ ... وَلَآلٍ تُؤْمٌ وَبَرْقٌ وَمِيضُ
إِذْ قَدَّرَ الزَّمَخْشَرِيُّ جُمْلَةَ (إِنَّهَا إِغْرِيضُ) جَوَابَ الْقَسَمِ وَهُوَ الَّذِي تَبِعَهُ عَلَيْهِ الطِّيبِيُّ وَالْقَزْوِينِيُّ فِي شَرْحَيْهِمَا «لِلْكَشَّافِ» ، وَهُوَ مَا فَسَّرَ بِهِ التَّبْرِيزِيُّ فِي شَرْحِهِ لِدِيوَانِ أَبِي تَمام، وَلَكِن التفتازانيّ أَبْطَلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ «الْكَشَّافِ» وَجَعَلَ جُمْلَةَ (إِنَّهَا إِغْرِيضُ) اسْتِئْنَافًا أَيِ اعْتِرَاضًا لِبَيَانِ اسْتِحْقَاقِ ثَنَايَاهَا أَنْ يُقْسِمَ بِهَا، وَجَعَلَ جَوَابَ الْقَسَمِ قَوْلَهُ بَعْدَ أَبْيَات ثَلَاثَة:
لتكادني غِمَارٌ مِنَ الْأَحْ ... دَاثِ لَمْ أَدْرِ أَيَّهُنَّ أَخُوضُ
وَالنُّكَتُ وَالْخُصُوصِيَّاتُ الْأَدَبِيَّةُ يَكْفِي فِيهَا الِاحْتِمَالُ الْمَقْبُولُ فَإِنَّ قَوْلَهُ قَبْلَهُ:
وَارْتِكَاضُ الْكَرَى بِعَيْنَيْكَ فِي النَّ ... وْمِ فُنُونًا وَمَا بِعَيْنِي غُمُوضُ
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَسَمًا ثَانِيًا فَيَكُونَ الْبَيْتُ جَوَابًا لَهُ.
وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْكِتَابِ عَلَى الْقُرْآنِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهُ لِيُكْتَبَ وَأَنَّ الْأُمَّةَ مَأْمُورُونَ بِكِتَابَتِهِ وَإِنْ كَانَ نُزُولُهُ على الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفْظًا غَيْرَ مَكْتُوبٍ. وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ سَيُكْتَبُ فِي الْمَصَاحِفِ، وَالْمُرَادُ بِ الْكِتابِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ قَبْلَ هَذِهِ السُّورَةِ وَقَدْ كَتَبَهُ كُتَّابُ الْوَحْيِ.
وَضَمِيرُ جَعَلْناهُ عَائِدٌ إِلَى الْكِتابِ، أَيْ إِنَّا جَعَلْنَا الْكِتَابَ الْمُبِينَ قُرْآنًا وَالْجَعْلُ: الْإِيجَادُ وَالتَّكْوِينُ، وَهُوَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ.
وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ مَقْرُوءٌ دُونَ حُضُورِ كِتَابٍ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ مَحْفُوظٌ فِي الصُّدُورِ وَلَوْلَا ذَلِكَ
لَمَا كَانَتْ فَائِدَةٌ لِلْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ مَقْرُوءٌ لِأَنَّ كُلَّ كِتَابٍ صَالِحٌ لِأَنْ يُقْرَأُ. وَالْإِخْبَارُ عَنِ الْكِتَابِ بِأَنَّهُ قُرْآنٌ مُبَالَغَةٌ فِي كَوْنِ هَذَا الْكِتَابِ مَقْرُوءًا، أَيْ مُيَسَّرًا لِأَنْ يُقْرَأُ لِقَوْلِهِ: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ [الْقَمَر: 17] وَقَوْلِهِ: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
[الْقِيَامَة: 17] . وَقَوْلِهِ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الْحجر: 9] .
فَحَصَلَ بِهَذَا الْوَصْفِ أَنَّ الْكِتَابَ الْمُنَزَّلَ على مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَامِعٌ لِوَصْفَيْنِ: كَوْنِهِ كِتَابًا، وَكَوْنِهِ مَقْرُوءًا عَلَى أَلْسِنَةِ الْأُمَّةِ. وَهَذَا مِمَّا اخْتُصَّ بِهِ كِتَابُ الْإِسْلَامِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست