responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 158
أَغْرَاضُهَا
أَعْظَمُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ السُّورَةُ مِنَ الْأَغْرَاضِ:
التَّحَدِّي بِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ آيَةُ صدق الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَاءَ بِهِ وَالتَّنْوِيهُ بِهِ عِدَّةَ مَرَّاتٍ وَأَنَّهُ أَوْحَى اللَّهُ بِهِ لِتَذْكِيرِهِمْ وَتَكْرِيرِ تَذْكِيرِهِمْ وَإِنْ أَعْرَضُوا كَمَا أَعْرَضَ مَنْ قَبْلَهُمْ عَنْ رُسُلِهِمْ.
وَإِذْ قَدْ كَانَ بَاعِثُهُمْ عَلَى الطَّعْنِ فِي الْقُرْآنِ تَعَلُّقَهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ الَّتِي نَهَاهُمُ الْقُرْآنُ عَنْهَا كَانَ مِنْ أَهَمِّ أَغْرَاضِ السُّورَةِ، التَّعْجِيبُ مِنْ حَالِهِمْ إِذْ جَمَعُوا بَيْنَ الِاعْتِرَافِ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُمْ وَالْمُنْعِمُ عَلَيْهِمْ وَخَالِقُ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا وَبَيْنَ اتِّخَاذِهِمْ آلِهَةً يَعْبُدُونَهَا شُرَكَاءَ لِلَّهِ، حَتَّى إِذَا انْتَقَضَ أَسَاسُ عِنَادِهِمُ اتَّضَحَ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ بَاطِلُهُمْ. وَجَعَلُوا بَنَاتٍ لِلَّهِ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْبَنَاتِ أَحَطُّ قَدْرًا مِنَ الذُّكُورِ فَجَمَعُوا بِذَلِكَ بَيْنَ الْإِشْرَاكِ وَالتَّنْقِيصِ. وَإِبْطَالُ عِبَادَةِ كُلِّ مَا دُونَ اللَّهِ عَلَى تَفَاوُتِ دَرَجَاتِ الْمَعْبُودِينَ فِي الشَّرَفِ فَإِنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْإِلَهِيَّةِ لِلْأُلُوهِيَّةِ وَلِبُنُوَّةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَعَرَّجَ عَلَى إِبْطَالِ حُجَجِهِمْ وَمَعَاذِيرِهِمْ، وَسَفَّهَ تَخْيِيلَاتِهِمْ وَتُرَّهَاتِهِمْ.
وَذَكَّرَهُمْ بِأَحْوَالِ الْأُمَمِ السَّابِقِينَ مَعَ رُسُلِهِمْ، وَأَنْذَرَهُمْ بِمِثْلِ عَوَاقِبِهِمْ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ الِاغْتِرَارِ بِإِمْهَالِ اللَّهِ وَخَصَّ بِالذِّكْرِ رِسَالَةَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وَخَصَّ إِبْرَاهِيمَ بِأَنَّهُ جَعَلَ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ بَاقِيَةً فِي جَمْعٍ مِنْ عَقِبِهِ وَتَوَعَّدَ الْمُشْرِكِينَ وَأَنْذَرَهُمْ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ بَعْدَ الْبَعْثِ الَّذِي كَانَ إِنْكَارُهُمْ وُقُوعَهُ مِنْ مُغَذِّيَاتِ كُفْرِهِمْ وَإِعْرَاضِهِمْ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ فِي مَأْمَنٍ بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَقَدْ رُتِّبَتْ هَذِهِ الْأَغْرَاضُ وَتَفَارِيعُهَا عَلَى نَسْجٍ بَدِيعٍ وَأُسْلُوبٍ رَائِعٍ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَالْأَصَالَةِ وَالِاسْتِطْرَادِ عَلَى حَسَبِ دَوَاعِي الْمُنَاسَبَاتِ الَّتِي اقْتَضَتْهَا الْبَلَاغَةُ، وَتَجْدِيدُ نَشَاطِ السَّامِعِ لِقَبُولِ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ. وَتَخَلَّلَ فِي خِلَالِهِ مِنَ الْحُجَجِ وَالْأَمْثَالِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست