responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 151
وَالْإِشَارَةُ إِلَى سَابِقٍ فِي الْكَلَامِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ آنِفًا فِي قَوْلِهِ: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً [الشورى: 51] الْآيَةَ، أَيْ وَمِثْلَ الَّذِي ذُكِرَ مِنْ تَكْلِيمِ اللَّهِ وَحْيُنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا، فَيَكُونُ عَلَى حَدِّ قَوْلِ الْحَارِثِ بْنِ حِلِّزَةَ:
مِثْلَهَا تَخْرُجُ النَّصِيحَةُ لِلْقَوْمِ ... فَلَاةً مِنْ دُونِهَا أَفْلَاءُ
أَيْ مِثْلَ نَصِيحَتِنَا الَّتِي نَصَحْنَاهَا لِلْمَلِكِ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ تَكُونُ نَصِيحَةُ الْأَقْوَامِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ لِأَنَّهَا نَصِيحَةُ قَرَابَةِ ذَوِي أَرْحَامٍ [1] . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى مَا يَأْتِي مِنْ بَعْدُ وَهُوَ الْإِيحَاءُ الْمَأْخُوذُ مَنْ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ، أَيْ مِثْلَ إِيحَائِنَا إِلَيْكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ، أَيْ لَوْ أُرِيدَ تَشْبِيهُ إِيحَائِنَا إِلَيْكَ فِي رِفْعَةِ الْقَدْرِ وَالْهُدَى مَا وُجِدَ لَهُ شَبِيهٌ إِلَّا نَفْسُهُ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [143] . وَالْمَعْنَى: إِنَّ مَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هُوَ أَعَزُّ وَأَشْرَفُ وَحْيٍ بِحَيْثُ لَا يُمَاثِلُهُ غَيْرُهُ.
وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ صَالِحٌ هُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِلَاهُمَا مَحْمَلًا لِلْآيَةِ عَلَى نَحْوِ مَا ابْتَكَرْنَاهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَن النبيء مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُعْطِي أَنْوَاعَ الْوَحْيِ الثَّلَاثَةَ، وَهُوَ أَيْضًا مُقْتَضَى الْغَرَضِ مِنْ مَسَاقِ هَذِهِ الْآيَاتِ.
وَالرُّوحُ: مَا بِهِ حَيَاةُ الْإِنْسَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [85] . وَأَطْلَقَ الرُّوحَ هُنَا مَجَازًا عَلَى الشَّرِيعَةِ الَّتِي بِهَا اهْتِدَاءُ النُّفُوسِ إِلَى مَا يَعُودُ عَلَيْهِمْ بِالْخَيْرِ فِي حَيَاتِهِمُ الْأُولَى وَحَيَاتِهِمُ الثَّانِيَةِ، شُبِّهَتْ هِدَايَةُ عُقُولِهِمْ بَعْدَ الضَّلَالَةِ بِحُلُولِ الرُّوحِ فِي الْجَسَدِ فَيَصِيرُ حَيًّا بَعْدَ أَنْ كَانَ جُثَّةً.
وَمَعْنَى مِنْ أَمْرِنا مِمَّا اسْتَأْثَرْنَا بِخَلْقِهِ وَحَجَبْنَاهُ عَنِ النَّاسِ فَالْأَمْرُ الْمُضَافُ إِلَى

[1] على إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ وَهِي رِوَايَة نصب (مثلهَا) وَفتح تَاء (تخرج) . و (فلاة) حَال من (النَّصِيحَة) .
وَمعنى (فلاة من دونهَا أفلاء) أَن قرابتهم بِالْملكِ مشتبكة كالفلاة، أَي الأَرْض الواسعة الَّتِي تتصل بهَا فلوات. والأفلاء جمع فلوات.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست