responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 141
الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي خُصُوصَ نَوْعِ إِرْسَالِ رَسُولٍ بِدَلَالَةِ فَحْوَى الْخِطَابِ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ الرُّسُلُ لَا يُخَاطِبُهُمُ اللَّهُ إِلَّا بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَنْحَاءِ الثَّلَاثَةِ فَالْأُمَمُ أَوْلَى بِأَنْ لَا يُخَاطَبُوا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ مَا سَأَلَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ رُؤْيَةِ اللَّهِ يُخَاطِبُهُمْ، أَوْ مَجِيءِ الْمَلَائِكَةِ إِلَيْهِمْ بَلْ لَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِمْ خِطَابُ اللَّهِ إِلَّا بِوَاسِطَةِ رَسُولٍ مِنْهُمْ يَتَلَقَّى كَلَامَ اللَّهِ بِنَحْوٍ مِنَ الْأَنْحَاءِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشاءُ فَإِنَّ الرَّسُولَ يَكُونُ مَلِكًا وَهُوَ الَّذِي يُبَلِّغُ الْوَحْيَ إِلَى الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ.
وَخِطَابُ اللَّهِ الرُّسُلَ وَالْأَنْبِيَاءَ قَدْ يَكُونُ لِقَصْدِ إِبْلَاغِهِمْ أَمْرًا يُصْلِحُهُمْ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [المزمل: 1، 2] ، وَقَدْ يَكُونُ لِإِبْلَاغِهِمْ شَرَائِعَ لِلْأُمَمِ مِثْلَ مُعْظَمِ الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ، أَوْ إِبْلَاغِهِمْ مَوَاعِظَ لَهُمْ مِثْلَ الزَّبُورِ وَمِجَلَّةِ لُقْمَانَ.
وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا وَحْياً اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عُمُومِ أَنْوَاعِ الْمُتَكَلِّمِ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا الْفِعْلُ الْوَاقِعُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَهُوَ مَا كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ.
فَانْتِصَابُ وَحْياً عَلَى الصِّفَةِ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ، وَالتَّقْدِيرُ: إِلَّا كَلَامًا وَحْيًا أَيْ مُوحًى بِهِ كَمَا تَقُولُ: لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا جَهْرًا، أَوْ إِلَّا إِخْفَاتًا، لِأَنَّ الْجَهْرَ وَالْإِخْفَاتَ صِفَتَانِ لِلْكَلَامِ.
وَالْمُرَادُ بِالتَّكَلُّمِ بُلُوغُ مُرَادِ اللَّهِ إِلَى النَّبِيءِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبُلُوغُ بِكَلَامٍ يَسْمَعُهُ وَلَا يَرَى مَصْدَرَهُ أَوْ بِكَلَامٍ يُبَلِّغُهُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِعِلْمٍ يُلْقَى فِي نَفْسِ النَّبِيءِ يُوقِنُ بِأَنَّهُ مُرَادُ اللَّهِ بِعِلْمٍ ضَرُورِيٍّ يَجْعَلُهُ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ.
وَإِطْلَاقُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَنْوَاعِ: بَعْضُهُ حَقِيقَةٌ مِثْلَ مَا يَسْمَعُهُ النَّبِيءُ كَمَا سَمِعَ مُوسَى، وَبَعْضُهُ مَجَازٌ قَرِيبٌ مِنَ الْحَقِيقَةِ وَهُوَ مَا يُبَلِّغُهُ إِلَى النَّبِيءِ فَإِنَّهُ رِسَالَةٌ بِكَلَامٍ، وَبَعْضُهُ مَجَازٌ مَحْضٌ وَهُوَ مَا يُلْقَى فِي قَلْبِ النَّبِيءِ مَعَ الْعِلْمِ، فَإِطْلَاقُ فِعْلِ يُكَلِّمَهُ عَلَى جَمِيعِهَا مِنِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ عَلَى طَرِيقَةِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعَانِيهِ.
وَإِسْنَادُ فِعْلِ يُكَلِّمَهُ إِلَى اللَّهِ إِسْنَادٌ مَجَازِيٌّ عَقْلِيٌّ. وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَارَ اسْتِثْنَاءُ الْكَلَامِ الْمَوْصُوفِ بِأَنَّهُ وَحْيٌ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست