responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 112
وَجُعِلَتْ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ عَطْفًا عَلَى الصِّلَةِ. وَقَدْ عُرِفَ الْأَنْصَارُ بِذَلِكَ إِذْ كَانَ التَّشَاوُرُ فِي الْأُمُورِ عَادَتَهُمْ فَإِذَا نَزَلَ بِهِمْ مُهِمٌّ اجْتَمَعُوا وَتَشَاوَرُوا وَكَانَ مِنْ تَشَاوُرِهِمُ الَّذِي أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهِ هُوَ تَشَاوُرُهُمْ حِينَ وَرَدَ إِلَيْهِمْ نُقَبَاؤُهُمْ وَأَخْبَرُوهُمْ بدعوة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَعْدَ أَنْ آمَنُوا هُمْ بِهِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، فَلَمَّا أَبْلَغُوهُمْ ذَلِكَ اجْتَمَعُوا فِي دَارِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ فَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَالنَّصْرِ لَهُ.
وَإِذْ قَدْ كَانَتِ الشُّورَى مُفْضِيَةً إِلَى الرُّشْدِ وَالصَّوَابِ وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ آثَارِهَا أَنِ اهْتَدَى بِسَبَبِهَا الْأَنْصَارُ إِلَى الْإِسْلَامِ أَثْنَى اللَّهُ بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ دُونَ تَقْيِيدٍ بِالشُّورَى الْخَاصَّةِ الَّتِي تَشَاوَرَ بِهَا الْأَنْصَارُ فِي الْإِيمَانِ وَأَيُّ أَمْرِ أَعْظَمُ مِنْ أَمْرِ الْإِيمَانِ.
وَالْأَمْرُ: اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ الْعَامَّةِ مِثْلُ: شَيْءٍ وَحَادِثٍ. وَإِضَافَةُ اسْمِ الْجِنْسِ قَدْ تُفِيدُ الْعُمُومَ بِمَعُونَةِ الْمَقَامِ، أَيْ جَمِيعُ أُمُورِهِمْ مُتَشَاوَرٌ فِيهَا بَيْنَهُمْ.
وَالْإِخْبَارُ عَنِ الْأَمْرِ بِأَنَّهُ شُورَى مِنْ قَبِيلِ الْإِخْبَارِ بِالْمَصْدَرِ لِلْمُبَالَغَةِ. وَالْإِسْنَادُ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ لِأَنَّ الشُّورَى تُسْنَدُ لِلْمُتَشَاوِرِينَ، وَأَمَّا الْأَمْرُ فَهُوَ ظَرْفٌ مَجَازِيٌّ لِلشُّورَى، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ: تَشَاوَرَا فِي كَذَا، قَالَ تَعَالَى: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَاجْتَمَعَ فِي قَوْلِهِ: وَأَمْرُهُمْ شُورى مَجَازٌ عَقْلِيٌّ وَاسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ وَمُبَالَغَةٌ.
وَالشُّورَى مَصْدَرٌ كَالْبُشْرَى وَالْفُتْيَا هِيَ أَنَّ قَاصِدَ عَمَلٍ يَطْلُبُ مِمَّنْ يَظُنُّ فِيهِ صَوَابَ الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ أَنْ يُشِيرَ عَلَيْهِ بِمَا يَرَاهُ فِي حُصُولِ الْفَائِدَةِ الْمَرْجُوَّةِ مِنْ عَمَلِهِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [159] .
وَقَوْلُهُ: بَيْنَهُمْ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ هُوَ صِفَةٌ لِ شُورى. وَالتَّشَاوُرُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَيْنَ الْمُتَشَاوِرَيْنِ فَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الظَّرْفُ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ الشُّورَى لَا يَنْبَغِي أَنْ تَتَجَاوَزَ مَنْ يُهِمُّهُمُ الْأَمْرُ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهَا مَنْ لَا يُهِمُّهُ الْأَمْرُ، وَإِلَى أَنَّهَا سِرٌّ بَيْنَ الْمُتَشَاوِرَيْنِ قَالَ بَشَّارٌ:
وَلَا تُشْهِدِ الشُّورَى امْرَأً غَيْرَ كَاتِمِ وَقَدْ كَانَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَحْمُودُ ابْنُ الْخُوجَةَ أَشَارَ فِي حَدِيثٍ جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَى اعْتِبَارِ هَذَا الْإِيمَاءِ إِشَارَةً بِيَدِهِ حِينَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ، وَلَا أَدْرِي أَذَلِكَ اسْتِظْهَارٌ مِنْهُ أَمْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 112
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست