responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 104
وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ أَصَابَكُمْ بِمُصِيبَةِ الْقَحْطِ ثُمَّ عَفَا عَنْكُمْ بِرَفْعِ الْقَحْطِ عَنْكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُفْلِتِينَ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ أَنْ يُصِيبَكُمْ، فَهُوَ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ [الدُّخان: 15] ، وَقَول النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي سُفْيَانَ حِينَ دَعَا بِرَفْعِ الْقَحْطِ عَنْهُمْ:
تَعُودُونَ بَعْدُ، وَقَدْ عَادُوا فَأَصَابَهُمُ اللَّهُ بِبَطْشَةِ بَدْرٍ قَالَ: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ [الدُّخان: 16] .
وَتَقْيِيدُ النَّفْيِ بَقَوْلِهِ: فِي الْأَرْضِ لِإِرَادَةِ التَّعْمِيمِ، أَيْ فِي أَيِّ مَكَانٍ مِنَ الْأَرْضِ لِئَلَّا يَحْسَبُوا أَنَّهُمْ فِي مَنْعَة بحولهم فِي مَكَّةَ الَّتِي أَمَّنَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا إِذَا خَافُوا سَطْوَةَ مَلِكٍ أَوْ عَظِيمٍ سَكَنُوا الْجِهَاتِ الصَّعْبَةَ، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ ذَاكِرًا تَحْذِيرَهُ قَوْمَهُ مِنْ تَرَصُّدِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ لَهُمْ وَنَاصِحًا لَهُمْ:
إِمَّا عُصِيتُ فَإِنِّي غَيْرُ مُنْفَلِتٍ ... مِنِّي اللِّصَابُ فَجَنْبَا حَرَّةِ النَّارِ

أَوْ أَضَعِ الْبَيْتَ فِي صَمَّاءَ مُضْلِمَةٍ ... مِنَ الْمَظَالِمِ تُدْعَى أُمَّ صَبَّارِ

تُدَافِعُ النَّاسَ عَنَّا حِينَ نَرْكَبُهَا ... تَقَيُّدَ الْعَيْرِ لَا يَسْرِي بِهَا السَّارِي
وَجِيءَ بِالْخَبَرِ جُمْلَةً اسْمِيَّةً فِي قَوْلِهِ: وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى ثَبَاتِ الْخَبَرِ وَدَوَامِهِ، أَيْ نَفْيُ إِعْجَازِهِمْ ثَابِتٌ لَا يَتَخَلَّفُ فَهُمْ فِي مُكْنَةِ خَالِقِهِمْ.
وَلَمَّا أَفَادَ قَوْلُهُ: وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مَنْجًى مِنْ سلطة الله أتبع بِنَفْيِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مَلْجَأٌ يَلْجَأُونَ إِلَيْهِ لِيَنْصُرَهُمْ وَيَقِيَهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَقَالَ: وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ أَيْ لَيْسَ لَكُمْ وَلِيٌّ يَتَوَلَّاكُمْ فَيَمْنَعَكُمْ مِنْ سُلْطَانِ اللَّهِ وَلَا نَصِيرٍ يَنْصُرُكُمْ عَلَى اللَّهِ إِنْ أَرَادَ إِصَابَتَكُمْ فَتَغْلِبُونَهُ، فَجَمَعَتِ الْآيَةُ نَفْيَ مَا هُوَ مُعْتَادٌ بَيْنَهُمْ مِنْ وُجُوهِ الْوِقَايَةِ.
ومِنْ دُونِ اللَّهِ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ هُوَ خَبَرٌ ثَانٍ عَنْ وَلِيٍّ ونَصِيرٍ، وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ هُوَ لَكُمْ. وَتَقْدِيمُ الْخِبْرَيْنِ لِلِاهْتِمَامِ بالْخبر ولتعجيل يأسهم من ذَلِك.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست