responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 102
وَمِنْهُمْ مَنْ عُجِّلَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يُهَدِّبُهَا»
. وَإِذَا كَانَتِ الْمُصِيبَةُ فِي الدُّنْيَا تَكُونُ جَزَاءً عَلَى فِعْلِ الشَّرِّ فَكَذَلِكَ خَيْرَاتُ الدُّنْيَا قَدْ تَكُونُ جَزَاءً عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ قَالَ تَعَالَى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ [يُونُس: 62، 64] ، وَقَالَ حِكَايَةً عَنْ إِخْوَةِ يُوسُفَ قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ [يُوسُف: 91] أَيْ مُذْنِبِينَ، أَيْ وَأَنْتَ لَمْ تَكُنْ خَاطِئًا، وَقَالَ: فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ فِي آلِ عِمْرَانَ [148] وَقَالَ: وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ [82] ، وَقَالَ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ إِلَى قَوْلِهِ: وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً فِي سُورَةِ النُّورِ [55] .
وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَنْقُضُ الْجَزَاءَ فِي الْآخِرَةِ، فَمَنْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: إِنَّ الْجَزَاءَ إِنَّمَا يَحْصُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لقَوْله تَعَالَى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الْفَاتِحَة: 4] أَيْ يَوْمِ الْجَزَاءِ وَإِنَّمَا الدُّنْيَا دَارُ تَكْلِيفٍ وَالْآخِرَةُ دَارُ الْجَزَاءِ، فَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ هُوَ: أَنَّهُ لَيْسَ كَوْنُ مَا يُصِيبُ مِنَ الشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِي الدُّنْيَا جَزَاءً عَلَى عَمَلٍ بِمُطَّرِدٍ، وَلَا مُتَعَيِّنٍ لَهُ فَإِنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا كَثِيرَةً وَتَدْفَعُهُ أَوْ تَدْفَعُ بَعْضًا مِنْهُ جَوَابِرُ كَثِيرَةٌ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقًا وَدَفْعًا وَلَكِنَّهُ مِمَّا يَزِيدُهُ اللَّهُ بِهِ
الْجَزَاءَ إِنْ شَاءَ.
وَقَدْ تُصِيبُ الصَّالِحِينَ نَكَبَاتٌ وَمَصَائِبُ وَآلَامٌ فَتَكُونُ بَلْوَى وَزِيَادَةً فِي الْأَجْرِ وَلِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، وَقَدْ تُصِيبُ الْمُسْرِفِينَ خَيْرَاتٌ وَنِعَمٌ إِمْهَالًا وَاسْتِدْرَاجًا وَلِأَسْبَابٍ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِخَفَايَا خَلْقِهِ وَنَوَايَاهُمْ وَمَقَادِيرِ أَعْمَالِهِمْ مِنْ حَسَنَاتٍ وَسَيِّئَاتٍ، وَاسْتِعْدَادِ نُفُوسِهِمْ وَعُقُولِهِمْ لِمُخْتَلِفِ مَصَادِرِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [الْأَنْفَال: 23] .
وَمِمَّا اخْتَبَطَ فِيهِ ضُعَفَاءُ الْمَعْرِفَةِ وَقُصَّارُ الْأَنْظَارِ أَنْ زَعَمَ أَهْلُ الْقَوْلِ بِالتَّنَاسُخِ أَنَّ هَذِهِ الْمَصَائِبَ الَّتِي لَا نَرَى لَهَا أَسْبَابًا وَالْخَيْرَاتِ الَّتِي تَظْهَرُ فِي مُوَاطِنَ تَحُفُّ بِهَا مُقْتَضَيَاتُ الشُّرُورِ إِنَّمَا هِيَ بِسَبَبِ جَزَاءِ الْأَرْوَاحِ الْمُودَعَةِ فِي الْأَجْسَامِ الَّتِي نُشَاهِدُهَا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست