responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 80
بِتَعْجِيلِ الْإِعْلَامِ بِهِ لِمَنِ اسْتَعَدَّ لِتَدَارُكِ أَمْرِهِ فَوَصْفُ غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ تَعْرِيضٌ بِالتَّرْغِيبِ، وَصِفَتَا شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ تَعْرِيضٌ بِالتَّرْهِيبِ. وَالتَّوْبُ: مَصْدَرُ تَابَ،
وَالتَّوْبُ بِالْمُثَنَّاةِ وَالثَّوْبُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْأَوْبُ كُلُّهَا بِمَعْنَى الرُّجُوعِ، أَيِ الرُّجُوعِ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ وَامْتِثَالِهِ بَعْدَ الِابْتِعَادِ عَنْهُ. وَإِنَّمَا عُطِفَتْ صِفَةُ وَقابِلِ التَّوْبِ بِالْوَاوِ عَلَى صِفَةِ غافِرِ الذَّنْبِ وَلَمْ تُفْصَلْ كَمَا فُصِلَتْ صِفَتَا الْعَلِيمِ [غَافِر: 2] غافِرِ الذَّنْبِ وَصِفَةُ شَدِيدِ الْعِقابِ إِشَارَةٌ إِلَى نُكْتَةٍ جَلِيلَةٍ وَهِيَ إِفَادَةُ أَنْ يَجْمَعَ لِلْمُذْنِبِ التَّائِبِ بَيْنَ رَحْمَتَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَقْبَلَ تَوْبَتَهُ فَيَجْعَلَهَا لَهُ طَاعَةً، وَبَيْنَ أَنْ يَمْحُوَ عَنْهُ بِهَا الذُّنُوبَ الَّتِي تَابَ مِنْهَا وَنَدِمَ عَلَى فِعْلِهَا، فَيُصْبِحَ كَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهَا. وَهَذَا فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ.
وَقَوْلُهُ: شَدِيدِ الْعِقابِ إِفْضَاءٌ بِصَرِيحِ الْوَعِيدِ عَلَى التَّكْذِيبِ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّ مَجِيئَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ [غَافِر: 2] يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ بِوَاسِطَةِ دَلَالَةِ مُسْتَتْبِعَاتِ التَّرَاكِيبِ.
وَالْمُرَادُ بِ غافِرِ وقابِلِ أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِمَدْلُولَيْهِمَا فِيمَا مَضَى إِذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ سَيَغْفِرُ وَسَيَقْبَلُ، فَاسْمُ الْفَاعِلِ فِيهِمَا مَقْطُوعٌ عَنْ مُشَابَهَةِ الْفِعْلِ، وَهُوَ غَيْرُ عَامِلٍ عَمَلَ الْفِعْلِ، فَلِذَلِكَ يَكْتَسِبُ التَّعْرِيفَ بِالْإِضَافَةِ الَّتِي تَزِيدُ تَقْرِيبَهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ، وَهُوَ الْمَحْمَلُ الَّذِي لَا يُنَاسِبُ غَيْرَهُ هُنَا.
وشَدِيدِ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مُضَافَةٌ لِفَاعِلِهَا، وَقَدْ وَقَعَتْ نَعْتًا لِاسْمِ الْجَلَالَةِ اعْتِدَادًا بِأَنَّ التَّعْرِيفَ الدَّاخِلَ عَلَى فَاعِلِ الصِّفَةِ يَقُومُ مَقَامَ تَعْرِيفِ الصِّفَةِ فَلَمْ يُخَالِفْ مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْكَلَامِ مِنَ اتِّحَادِ النَّعْتِ وَالْمَنْعُوتِ فِي التَّعْرِيفِ وَاكْتِسَابِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ التَّعْرِيفَ بِالْإِضَافَةِ هُوَ قَوْلُ نُحَاةِ الْكُوفَةِ طَرْدًا لِبَابِ التَّعْرِيفِ بِالْإِضَافَةِ، وَسِيبَوَيْهِ يُجَوِّزُ اكْتِسَابَ الصِّفَاتِ الْمُضَافَةِ التَّعْرِيفَ بِالْإِضَافَةِ إِلَّا الصِّفَةَ الْمُشَبَّهَةَ لِأَنَّ إِضَافَتَهَا إِنَّمَا هِيَ لِفَاعِلِهَا فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ أَصْلَ مَا تُضَافُ إِلَيْهِ الصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ أَنَّهُ كَانَ فَاعِلًا فَكَانَتْ إِضَافَتُهَا إِلَيْهِ مُجَرَّدَ تَخْفِيفٍ لَفْظِيٍّ وَالْخَطْبُ سَهُلٌ.
وَالطَّوْلُ يُطْلَقُ عَلَى سَعَةِ الْفَضْلِ وَسَعَةِ الْمَالِ، وَيُطلق على مُطلق الْقُدْرَةِ كَمَا فِي «الْقَامُوسِ» ، وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَأَقَرَّهُ فِي «تَاجِ الْعَرُوسِ» وَجَعَلَهُ مِنْ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست