responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 311
إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ تَسْلِيَة للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَعْدٌ بِأَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُ. وَوُقُوعُ هَذَا الْخَبَرِ عَقِبَ قَوْلِهِ: مَا يُقالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ يومىء إِلَى أَنَّ هَذَا الْوَعْدَ جَزَاءٌ عَلَى مَا لَقِيَهُ مِنَ الْأَذَى فِي ذَاتِ اللَّهِ وَأَنَّ الْوَعِيدَ لِلَّذِينَ آذَوْهُ، فَالْخَبَرُ مُسْتَعْمَلٌ فِي لَازِمِهِ.
وَمَعْنَى الْمَغْفِرَةِ لَهُ: التَّجَاوُزُ عَمَّا يَلْحَقُهُ مِنَ الْحُزْنِ بِمَا يَسْمَعُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَذًى كَثِيرٍ. وَحَرْفُ إِنَّ فِيهِ لِإِفَادَةِ التَّعْلِيلِ والتسبب لَا للتَّأْكِيد.
وَكَلِمَةُ ذُو مُؤْذِنَةٌ بِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ وَالْعِقَابَ كِلَيْهِمَا مِنْ شَأْنِهِ تَعَالَى وَهُوَ يَضَعُهُمَا بِحِكْمَتِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُسْتَحِقَّةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا.
وَوصف الْعقَاب ب أَلِيمٍ دُونَ وَصْفٍ آخَرَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ مُنَاسِبٌ لِمَا عُوقِبُوا لِأَجْلِهِ فَإِنَّهُمْ آلَمُوا نفس النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا عَصَوْا وَآذَوْا.
وَفِي جُمْلَةِ: إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ مُحَسِّنُ الْجَمْعِ ثُمَّ التَّقْسِيمِ، فَقَوْلُهُ: مَا يُقالُ لَكَ يَجْمَعُ قَائِلًا وَمَقُولًا لَهُ فَكَانَ الْإِيمَاءُ بِوَصْفِ (ذُو مَغْفِرَةٍ) إِلَى الْمَقُولِ لَهُ، وَوَصْفِ ذُو عِقابٍ أَلِيمٍ إِلَى الْقَائِلِينَ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمَعْكُوسِ وَقَرِينَةُ الْمَقَامِ تَرُدُّ كُلًّا إِلَى مُنَاسِبِهِ.
[44]

[سُورَة فصلت (41) : آيَة 44]
وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (44)
وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ.
اتِّصَالُ نَظْمِ الْكَلَامِ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى هُنَا وَتَنَاسُبُ تَنَقُّلَاتِهِ بِالتَّفْرِيعِ وَالْبَيَانِ وَالِاعْتِرَاضِ وَالِاسْتِطْرَادِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا إِلَى آخِرِهِ تَنَقُّلٌ فِي دَرَجِ إِثْبَاتِ أَنَّ قَصْدَهُمُ الْعِنَادُ فِيمَا يتعللون بِهِ ليواجهوا إِعْرَاضَهُمْ عَنِ الْقُرْآنِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَدْيِهِ بِمَا يَخْتَلِقُونَهُ عَلَيْهِ مِنَ الطَّعْنِ فِيهِ وَالتَّكْذِيبِ بِهِ، وَتَكَلُّفُ الْأَعْذَارِ الْبَاطِلَةِ لِيَتَسَتَّرُوا بِذَلِكَ مِنَ الظُّهُورِ فِي مَظْهَرِ الْمُنْهَزِمِ الْمَحْجُوجِ، فَأَخَذَ يَنْقُضُ دَعَاوِيهِمْ عُرْوَةً عُرْوَةً، إِذِ ابْتُدِئَتِ السُّورَةُ بِتَحَدِّيهِمْ بِمُعْجِزَةِ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 311
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست