responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 232
يَعْلَمُونَ بِاعْتِبَارِ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: قُرْآناً عَرَبِيًّا مِنْ مَعْنَى وُضُوحِ الدَّلَالَةِ وَسُطُوعِ الْحُجَّةِ، أَوْ يَتَعَلَّقُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بِقَوْلِهِ: تَنْزِيلٌ أَوْ بِقَوْلِهِ: فُصِّلَتْ آياتُهُ على معنى أَن فَوَائِدِ تَنْزِيلِهِ وَتَفْصِيلِهِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ دُونَ غَيْرِهِمْ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُنْزَلْ إِلَّا لَهُمْ، أَيْ فَلَا بِدْعَ إِذَا أَعْرَضَ عَنْ فَهْمِهِ الْمُعَانِدُونَ فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ [يُونُس: 101] وَقَوْلُهُ: وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ [العنكبوت: 43] وَقَوْلُهُ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [يُوسُف: 2] وَقَوْلُهُ: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت: 49] .
وَالْبَشِيرُ: اسْمٌ لِلْمُبَشِّرِ وَهُوَ الْمُخْبِرُ بِخَبَرٍ يَسُرُّ الْمُخْبَرَ. وَالنَّذِيرُ: الْمُخْبِرُ بِأَمْرٍ مُخَوِّفٍ، شَبَّهَ الْقُرْآنَ بِالْبَشِيرِ فِيمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْآيَاتِ الْمُبَشِّرَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ الصَّالِحِينَ، وَبِالنَّذِيرِ فِيمَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لِلْكَافِرِينَ وَأَهْلِ الْمَعَاصِي، فَالْكَلَامُ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ. وَلَيْسَ: بَشِيراً أَوْ نَذِيراً اسْمَيْ فَاعِلٍ لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَقِيلَ: مُبَشِّرًا وَمُنْذِرًا.
وَالْجَمْعُ بَيْنَ: بَشِيراً ونَذِيراً مِنْ قَبِيلِ محسن الطّباق. وانتصب بَشِيراً عَلَى أَنَّهُ حَالٌ ثَانِيَةٌ مِنْ كِتابٌ أَوْ صِفَةٌ لِ قُرْآناً، وَصِفَةُ الْحَالِ فِي مَعْنَى الْحَالِ، فَالْأَوْلَى كَوْنُهُ حَالًا ثَانِيَةً.
وَجِيءَ بِقَوْلِهِ: نَذِيراً مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى اخْتِلَافِ مَوْقِعِ كُلٍّ مِنَ الْحَالَيْنِ فَهُوَ بَشِيرٌ لِقَوْمٍ وَهُمُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَنَذِيرٌ لِآخَرِينَ، وَهُمُ الْمُعْرِضُونَ عَنْهُ، وَلَيْسَ هُوَ جَامِعًا بَيْنَ الْبِشَارَةِ وَالنِّذَارَةِ لِطَائِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْوَاوُ هُنَا كَالْوَاوِ فِي قَوْلِهِ: ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً [التَّحْرِيم: 5] بَعْدَ قَوْلِهِ: مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ [التَّحْرِيم: 5] .
وَتَفْرِيعُ فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ صِفَاتِ الْقُرْآنِ. وَضَمِيرُ أَكْثَرُهُمْ عَائِدٌ إِلَى مَعْلُومٍ مِنَ الْمَقَامِ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ كَمَا هِيَ عَادَةُ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَالْمَعْنَى:
فَأَعْرَضَ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ عَمَّا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْهُدَى فَلَمْ يَهْتَدُوا، وَمِنَ الْبِشَارَةِ فَلَمْ يُعْنَوْا بِهَا، وَمِنَ النِّذَارَةِ فَلَمْ يَحْذَرُوهَا، فَكَانُوا فِي أَشَدِّ الْحَمَاقَةِ، إِذْ لَمْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 232
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست