responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 20
وَتَظُنُّ سَلْمَى أَنَّنِي أَبْغِي بِهَا ... بَدَلًا أَرَاهَا فِي الضَّلَالِ تَهِيمُ
لَمْ يَعْطِفْ جُمْلَةَ: أَرَاهَا فِي الضَّلَالِ، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ: أَبْغِي بِهَا بَدَلًا، وَلِأَنَّهَا انْتِقَالٌ مِنْ غَرَضِ الدَّعْوَةِ وَالْمُحَاجَّةِ إِلَى غَرَضِ التَّهْدِيدِ. وَابْتَدَأَ الْمَقُولَ بِالنِّدَاءِ بِوَصْفِ الْقَوْمِ لِمَا يَشْعَرُ بِهِ مِنَ التَّرْقِيقِ لِحَالِهِمْ وَالْأَسَفِ عَلَى ضَلَالِهِمْ لِأَنَّ كَوْنَهُمْ قَوْمَهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَدَّخِرَهُمْ نُصْحًا.
وَالْمَكَانَةُ: الْمَكَانُ، وَتَأْنِيثُهُ رُوعِيَ فِيهِ مَعْنَى الْبُقْعَةِ، اسْتُعِيرَ لِلْحَالَةِ الْمُحِيطَةِ بِصَاحِبِهَا إِحَاطَةَ الْمَكَانِ بِالْكَائِنِ فِيهِ. وَالْمَعْنَى: اعْمَلُوا عَلَى طَرِيقَتِكُمْ وَحَالِكُمْ مِنْ عَدَاوَتِي، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [135] .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مَكانَتِكُمْ بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ. وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ مَكَانَاتِكُمْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ بِأَلِفٍ وَتَاءٍ.
وَقَالَ تَعَالَى هُنَا: مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ لِيَكُونَ التَّهْدِيدُ بِعَذَابِ خِزْيٍ فِي الدُّنْيَا
وَعَذَابٍ مُقِيمٍ فِي الْآخِرَةِ. فَأَمَّا قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [135] : قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا الْعَذَابَ لِأَنَّهَا جَاءَتْ بَعْدَ تَهْدِيدِهِمْ بِقَوْلِهِ: إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [الْأَنْعَام: 134] .
وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ إِنِّي عامِلٌ لِيَعُمَّ كُلَّ مُتَعَلِّقٍ يَصْلُحُ أَن يتَعَلَّق بِعَمَل مَعَ الِاخْتِصَارِ فَإِنَّ مُقَابَلَتَهُ بِقَوْلِهِ: اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مِنْ إِنِّي عامِلٌ أَنَّهُ ثَابِتٌ عَلَى عَمَلِهِ فِي نُصْحِهِمْ وَدَعْوَتِهِمْ إِلَى مَا يُنْجِيهِمْ. وَأَنَّ حَذْفَ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى مِقْدَارِ مَكَانَتِهِ وَحَالَتِهِ بَلْ حَالُهُ تَزْدَادُ كُلَّ حِينٍ قُوَّةً وَشِدَّةً لَا يَعْتَرِيهَا تَقْصِيرٌ وَلَا يُثَبِّطُهَا إِعْرَاضُهُمْ، وَهَذَا مِنْ مُسْتَتْبِعَاتِ الْحَذْفِ وَلَمْ نُنَبِّهْ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَفِي سُورَةِ هُودٍ.
ومَنْ اسْتِفْهَامِيَّةٌ عَلَّقَتْ فِعْلَ تَعْلَمُونَ عَنِ الْعَمَلِ فِي مَفْعُولَيْهِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 20
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست