responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 179
وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، و (مَا) فِي قَوْله: مَا تَتَذَكَّرُونَ مَصْدَرِيَّةٌ وَهِيَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ.
وَهَذَا مُؤَكِّدٌ لِمَعْنَى قَوْلِهِ: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ لِأَنَّ قلَّة التَّذَكُّر تؤول إِلَى عَدَمِ الْعِلْمِ، وَالْقِلَّةُ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الْعَدَمِ وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ كَثِيرٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ [الْبَقَرَة: 88] ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَلَى صَرِيحِ مَعْنَاهَا وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْقِلَّةِ عَدَمَ التَّمَامِ، أَيْ لَا يَعْلَمُونَ فَإِذَا تَذَكَّرُوا تذكرا لَا يتممونه فَيَنْقَطِعُونَ فِي أَثْنَائِهِ عَنِ التَّعَمُّقِ إِلَى اسْتِنْبَاطِ الدَّلَالَةِ مِنْهُ فَهُوَ كَالْعَدَمِ فِي عَدَمِ تَرَتُّبِ أَثَرِهِ عَلَيْهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يَتَذَكَّرُونَ بِيَاءِ الْغَيْبَةِ جَرْيًا عَلَى مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْكَلَامِ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ تَتَذَكَّرُونَ بِتَاءِ الْخِطَابِ عَلَى الِالْتِفَاتِ، وَالْخِطَابُ لِلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ.
وَكَوْنُ الْخِطَابِ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ مِنْ مُؤْمِنِينَ وَمُشْرِكِينَ وَأَنَّ التَّذَكُّرَ الْقَلِيلَ هُوَ تَذَكُّرُ الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ تَذَكُّرِ الْمُشْرِكِينَ بَعِيدٌ عَنْ سِيَاقِ الرَّدِّ وَلَا يلاقي الِالْتِفَات.
[59]

[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 59]
إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (59)
لَمَّا أُعْطِيَ إِثْبَاتُ الْبَعْثِ مَا يَحِقُّ مِنَ الْحِجَاجِ وَالِاسْتِدْلَالِ، تَهَيَّأَ الْمَقَامُ لِاسْتِخْلَاصِ تَحْقِيقِهِ كَمَا تُسْتَخْلَصُ النَّتِيجَةُ مِنَ الْقِيَاسِ، فَأُعْلِنَ بِتَحْقِيقِ مَجِيءِ السَّاعَةَ وَهِيَ سَاعَةُ الْبَعْثِ إِذِ السَّاعَةَ فِي اصْطِلَاحِ الْإِسْلَامِ عِلْمٌ بِالْغَلَبَةِ عَلَى سَاعَةِ الْبَعْثِ، فَالسَّاعَةُ وَالْبَعْثُ
مُتَرَادِفَانِ فِي الْمَآلِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: إِنَّ الَّذِي جَادَلَ فِيهِ الْمُجَادِلُونَ سَيَقَعُ لَا مَحَالَةَ إِذِ انْكَشَفَتْ عَنْهُ شُبَهُ الضَّالِّينَ وَتَمْوِيهَاتُهُمْ فَصَارَ بَيِّنًا لَا رَيْبَ فِيهِ.
وتأكيد الْخَبَر ب (إنّ) وَلَامِ الِابْتِدَاءِ لِزِيَادَةِ التَّحْقِيقِ، وَلِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْخَبَرَ تَحَقَّقَ بِالْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ مُوَجَّهٌ لِلَّذِينَ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ، وَلِهَذَا لَمْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست