responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 177
مُقْتَضَى الظَّاهِرِ الْإِضْمَارُ، لِتَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَقِلَّةً بِالدَّلَالَةِ فَتَصْلُحُ لِأَنْ تَسِيرَ مَسِيرَ الْأَمْثَالِ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ لِاسْتِبْعَادِهِمْ خَلْقَ الْأَجْسَامِ مَعَ أَنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَا لَا يَبْقَى مَعَهُ اسْتِبْعَادٌ مثل ذَلِك.
[58]

[سُورَة غَافِر (40) : آيَة 58]
وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَا تَتَذَكَّرُونَ (58)
لَمَّا نَزَّلَهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ لَا يَعْلَمُ ضَرَبَ مَثَلًا لَهُمْ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، فَمَثَلُ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي أَمْرِ الْبَعْثِ مَعَ وُضُوحِ إِمْكَانِهِ مَثَلُ الْأَعْمَى، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ حَالَ الْبَصِيرِ، وَقَدْ عُلِمَ حَالُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مَفْهُومِ صِفَةِ أَكْثَرَ النَّاسِ لِأَنَّ الْأَكْثَرِينَ مِنَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ يُقَابِلُهُمْ أَقَلُّونَ يَعْلَمُونَ. وَالْمَعْنَى: لَا يَسْتَوِي الَّذِينَ اهْتَدَوْا وَالَّذِينَ هُمْ فِي ضَلَالٍ، فَإِطْلَاقُ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ اسْتِعَارَة لِلْفَرِيقَيْنِ الَّذين تَضَمَّنَهُمَا قَوْلُهُ: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [غَافِر: 57] .
وَنَفْيُ الِاسْتِوَاءِ بَيْنَهُمَا يَقْتَضِي تَفْضِيلَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ كَمَا قَدَّمْنَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْآيَةَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [95] ، وَمِنَ الْمُتَبَادَرِ أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ صَاحِبُ الْحَالِ الْأَفْضَلِ وَهُوَ الْبَصِيرُ إِذْ لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي أَنَّ الْبَصَرَ أَشْرَفُ مِنَ الْعَمَى فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَنَفْيُ الِاسْتِوَاءِ بِدُونِ مُتَعَلِّقٍ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي مُتَعَلِّقَاتِهِ، لَكِنَّهُ يُخَصُّ بِالْمُتَعَلِّقَاتِ الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا سِيَاقُ الْكَلَامِ وَهِيَ آيَاتُ اللَّهِ وَدَلَائِلُ صِفَاتِهِ، وَيُسَمَّى مِثْلُ هَذَا الْعُمُومِ الْعُمُومَ الْعُرْفِيَّ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا فِي سُورَةِ فَاطِرٍ [19] .
وَقَوْلُهُ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ زِيَادَةُ بَيَانٍ لِفَضِيلَةِ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِذِكْرِ فَضِيلَتِهِمْ فِي أَعْمَالِهِمْ بَعْدَ ذِكْرِ فَضْلِهِمْ فِي إِدْرَاكِ أَدِلَّةِ إِمْكَانِ الْبَعْثِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَدِلَّةِ الْإِيمَانِ. وَالْمَعْنَى: وَمَا يَسْتَوِي الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَالْمُسِيئُونَ، أَيْ فِي أَعْمَالِهِمْ كَمَا يُؤْذِنُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 177
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست