responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 336
ضُرُّ مَكْرِهِمْ بِهِمْ بِأَنْ يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ عَلَى غَفْلَةٍ مِنْهُمْ كَمَا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ وَيَوْمَ الْفَتْحِ، فَيَكُونُ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [آل عمرَان: 54] فَالْقَصْرُ حَقِيقِيُّ.
فَكَمِ انْهَالَتْ مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ آدَابٍ عُمْرَانِيَّةٍ وَمُعْجِزَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ وَمُعْجِزَاتٍ نَبَوِيَّةٍ خَفِيَّةٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ قَدْ جُعِلَ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي مِثَالًا لِلْكَلَامِ الْجَارِي عَلَى أُسْلُوبِ الْمُسَاوَاةِ دُونَ إِيجَازٍ وَلَا إِطْنَابٍ. وَأَوَّلُ مَنْ رَأَيْتُهُ مَثَّلَ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِلْمُسَاوَاةِ هُوَ الْخَطِيبُ الْقَزْوِينِيُّ فِي «الْإِيضَاح» وَفِي «تَلْخِيص الْمِفْتَاحِ» ، وَهُوَ مِمَّا زَادَهُ عَلَى مَا فِي «الْمِفْتَاحِ» وَلَمْ يُمَثِّلْ صَاحِبُ «الْمِفْتَاحِ» لِلْمُسَاوَاةِ بِشَيْءٍ وَلَمْ أَدْرِ مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ الْقَزْوِينِيُّ فَإِنَّ الشَّيْخَ عَبْدَ الْقَاهِرِ لَمْ يَذْكُرِ الْإِيجَازَ وَالْإِطْنَابَ فِي كِتَابِهِ.
وَإِذْ قَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ «الْمِفْتَاحِ» «أَنَّ الْمُسَاوَاةَ هِيَ مُتَعَارَفُ الْأَوْسَاطِ وَأَنَّهُ لَا يُحْمَدُ فِي بَابِ الْبَلَاغَةِ وَلَا يُذَمُّ» فَقَدْ وَجَبَ الْقَطْعُ بِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ لَا تَقَعُ فِي الْكَلَامِ الْبَلِيغِ بَلْهَ الْمُعْجِزَ. وَمِنَ الْعَجِيبِ إِقْرَار الْعَلامَة التفتازانيّ كَلَامَ صَاحِبِ «تَلْخِيصِ الْمِفْتَاحِ» وَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا مِنَ الْمُسَاوَاةِ وَفِيهِ جُمْلَةٌ ذَاتُ قَصْرٍ وَالْقَصْرُ مِنَ الْإِيجَازِ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مُقَامَ جُمْلَتَيْنِ: جُمْلَةُ إِثْبَاتٍ لِلْمَقْصُودِ، وَجُمْلَةُ نَفْيِهِ عَمَّا سِوَاهُ، فَالْمُسَاوَاةُ أَنْ يُقَالَ: يَحِيق الْمَكْر السيّء
بِالْمَاكِرِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ، فَمَا عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى صِيغَةِ الْقَصْرِ فقد سلك طَريقَة الْإِيجَازِ.
وَفِيهِ أَيْضًا حَذْفُ مُضَافٍ إِذِ التَّقْدِيرُ: وَلَا يَحِيقُ ضرّ الْمَكْر السيّء إِلَّا بِأَهْلِهِ عَلَى أَنَّ فِي قَوْلِهِ: بِأَهْلِهِ إِيجَازًا لِأَنَّهُ عَوَّضَ عَنْ أَنْ يُقَالَ: بِالَّذِينِ تَقَلَّدُوهُ. وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ لَمْ تَقَعْ فِي الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا مَوَاقِعُهَا فِي مُحَادَثَاتِ النَّاسِ الَّتِي لَا يُعْبَأُ فِيهَا بِمُرَاعَاةِ آدَابِ اللُّغَةِ.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَحْدَهُ وَمَكْرَ السَّيِّئِ بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ فِي حَالَةِ الْوَصْلِ إِجْرَاءً لِلْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست