responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 325
إِنَّ الَّذِينَ تَرَوْنَهُمْ إِخْوَانَكُمْ ... يَشْفِي غَلِيلَ صُدُورِهِمُ أَنْ تُصْرَعُوا
وَقَرِينَةُ التَّخْطِئَةِ تَعْقِيبُهُ بِقَوْلِهِ: أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ لِلتَّعْجِيزِ إِذْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرَوْهُ شَيْئًا خَلَقَتْهُ الْأَصْنَامُ، فَيَكُونُ الْأَمْرُ التَّعْجِيزِيُّ فِي قُوَّةِ نَفْيِ أَنْ خَلَقُوا شَيْئًا مَا، كَمَا كَانَ الْخَبَرُ فِي بَيْتِ عَبْدَةَ الْوَارِدِ بَعْدَ الصِّلَةِ قَرِينَةً عَلَى كَوْنِ الصِّلَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى خَطَأِ الْمُخَاطَبِينَ.
وَفِعْلُ الرُّؤْيَةِ قَلْبِيٌّ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ وَالْإِنْبَاءِ، أَيْ أَنْبِئُونِي شَيْئًا مَخْلُوقًا لِلَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ.
وماذا كَلِمَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ (مَا) الِاسْتِفْهَامِيَّةِ وَ (ذَا) الَّتِي بِمَعْنَى الَّذِي حِينَ تَقَعُ بَعْدَ اسْمِ اسْتِفْهَامٍ، وَفِعْلُ الْإِرَاءَةِ مُعَلَّقٌ عَنِ الْعَمَلِ فِي الْمَفْعُولِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بِالِاسْتِفْهَامِ.
وَالتَّقْدِيرُ: أَرُونِي شَيْئًا خَلَقُوهُ مِمَّا على الْأَرْضِ.
ومِنْ ابْتِدَائِيَّةٌ، أَيْ شَيْئًا نَاشِئًا مِنَ الْأَرْضِ، أَوْ تَبْعِيضِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ مَا عَلَيْهَا كَإِطْلَاقِ الْقَرْيَةِ عَلَى سُكَّانِهَا فِي قَوْله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يُوسُف: 82] .
وأَمْ مُنْقَطِعَةٌ لِلْإِضْرَابِ الِانْتِقَالِيِّ، وَهِيَ تُؤْذِنُ بِاسْتِفْهَامٍ بَعْدَهَا. وَالْمَعْنَى: بَلْ أَلَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ.
وَالشِّرْكُ بِكَسْرِ الشِّينِ: اسْمٌ لِلنَّصِيبِ الْمُشْتَرَكِ بِهِ فِي مِلْكِ شَيْءٍ.
وَالْمَعْنَى: أَلَهُمْ شِرْكٌ مَعَ اللَّهِ فِي ملك السَّمَوَات وتصريف أحوالها كَسَيْرِ الْكَوَاكِبِ وَتَعَاقُبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَتَسْخِيرِ الرِّيَاحِ وَإِنْزَالِ الْمَطَرِ.
وَلَمَّا كَانَ مَقَرُّ الْأَصْنَامِ فِي الْأَرْضِ كَانَ مِنَ الرَّاجِح أَن تتخيّل لَهُمُ الْأَوْهَامُ تَصَرُّفًا كَامِلًا فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّهُمْ آلِهَةٌ أَرْضِيَّةٌ، وَقَدْ كَانَتْ مَزَاعِمُ الْعَرَبِ وَاعْتِقَادَاتُهُمْ أَفَانِينَ شَتَّى مُخْتَلِطَةً مِنِ اعْتِقَادِ الصَّابِئَةِ وَمِنِ اعْتِقَادِ الْفُرْسِ وَاعْتِقَادِ الرُّومِ فَكَانُوا أَشْبَاهًا لَهُمْ فَلِذَلِكَ قِيلَ لِأَشْبَاهِهِمْ فِي الْإِشْرَاكِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ، أَيْ فَكَانَ تَصَرُّفُهُمْ فِي ذَلِكَ تَصَرُّفَ الْخَالِقِيَةِ، فَأَمَّا السَّمَاوَاتُ فَقَلَّمَا يَخْطُرُ بِبَالِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ لِلْأَصْنَامِ تَصرفا فِي شؤونها، وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَدَّعُوا ذَلِكَ وَلَكِنْ جَاءَ قَوْلُهُ: أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ مَجِيءَ تَكْمِلَةِ الدَّلِيلِ عَلَى الْفَرْضِ وَالِاحْتِمَالِ، كَمَا يُقَالُ فِي آدَابِ الْبَحْثِ «فَإِنْ قُلْتَ» . وَقَدْ كَانُوا يَنْسِبُونَ لِلْأَصْنَامِ بُنُوَّةً لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ تَعَالَى:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 325
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست