responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 198
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ إِثْبَاتُ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى منكريها من الْعَرَب وَإِثْبَات عمومها على
مُنْكِرِيهَا مِنَ الْيَهُودِ.
فَإِنَّ كَافَّةً مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَوَقَعَتْ هُنَا حَالًا مِنَ «النَّاسِ» مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ الْأَحْوَالِ وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى صَاحِبِهَا الْمَجْرُورِ بِالْحَرْفِ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَيْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [208] ، وَعِنْدَ قَوْلِهِ: وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ [36] . وَذَكَرْنَا أَنَّ التَّحْقِيقَ: أَنَّ كَافَّةً يُوصَفُ بِهِ الْعَاقِلُ وَغَيْرُهُ وَأَنَّهُ تَعْتَوِرُهُ وُجُوهُ الْإِعْرَابِ كَمَا هُوَ مُخْتَارُ الزَّمَخْشَرِيِّ وَشَهِدَ لَهُ الْقُرْآنُ وَالِاسْتِعْمَالُ خِلَافًا لِابْنِ هِشَامٍ فِي «مُغْنِي اللَّبِيبِ» ، وَأَنَّ مَا شُدِّدَ بِهِ التَّنْكِيرُ عَلَى الزَّمَخْشَرِيِّ تَهْوِيلٌ وَتَضْيِيقٌ فِي الْجَوَازِ. وَالتَّقْدِيرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ إِلَّا كَافَّةً. وَقَدَّمَ الْحَالَ عَلَى صَاحِبِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَا لِأَنَّهَا تَجْمَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرِسَالَتِهِ كُلِّهِمْ.
وَتَقْدِيمُ الْحَالِ عَلَى الْمَجْرُورِ جَائِزٌ عَلَى رَأْيِ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ أَبَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ هُنَا وَجَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ تَقْدِيمِ الْمَجْرُورِ عَلَى حَرْفِ الْجَرِّ فَجَعَلَ كَافَّةً نَعْتًا لِمَحْذُوفٍ، أَيْ إِرْسَالَهُ كَافَّةً، أَيْ عَامَّةً. وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ مَالِكٍ فِي «التَّسْهِيلِ» وَقَالَ: قَدْ جَوَّزَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ وَابْنُ كَيْسَانَ. وَقُلْتُ: وَجَوَّزَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَالرَّضِيُّ.
وَجَعَلَ الزَّجَّاجُ كَافَّةً هُنَا حَالًا مِنَ الْكَافِ فِي أَرْسَلْناكَ وَفَسَّرَهُ بِمَعْنَى جَامِعٍ لِلنَّاسِ فِي الْإِنْذَارِ وَالْإِبْلَاغِ، وَتَبِعَهُ أَبُو الْبَقَاءِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَحَقُّ التَّاءِ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَنْ تَكُونَ لِلْمُبَالَغَةِ كَتَاءِ الْعَلَّامَةِ وَالرَّاوِيَةِ وَكَذَلِكَ تَقْدِيمُ الْمُسْتَثْنَى لِلْغَرَضِ أَيْضًا.
وَقَدِ اشْتَرَكَ الزَّجَّاجُ وَالزَّمَخْشَرِيُّ هُنَا فِي إِخْرَاجِ كَافَّةً عَنْ مَعْنَى الْوَصْفِ بِإِفَادَةِ الشُّمُولِ الَّذِي هُوَ شُمُولٌ جُزْئِيٌّ فِي غَرَضٍ مُعَيَّنٍ إِلَى مَعْنَى الْجَمْعِ الْكُلِّيِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ. وَهَذَا كَمَنْ يَعْمِدُ إِلَى (كُلٍّ) فَيَقُولُ: إِنَّكَ كُلٌّ لِلنَّاسِ، أَيْ جَامِعٌ لِلنَّاسِ أَوْ يَعْمِدُ إِلَى (عَلَى) الدَّالَّةِ عَلَى الِاسْتِعْلَاءِ الْجُزْئِيِّ فَيَسْتَعْمِلُهَا بِمَعْنَى الِاسْتِعْلَاءِ الْكُلِّيِّ فَيَقُولُ: إِيَّاكَ وَعَلَى، يُرِيدُ إِيَّاكَ وَالِاسْتِعْلَاءَ.
والبشير النَّذِيرُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً فِي سُورَة الْبَقَرَةِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست