responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 97
النَّاسَ مِنَ الْعُمُومِ وَإِدْمَاجًا لِفَضِيلَةِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَا يَكْفُرُونَ نِعْمَةَ الرَّحِيمِ. فَالتَّعْرِيفُ فِي النَّاسَ لِلِاسْتِغْرَاقِ.
وَالضُّرُّ، بِضَمِّ الضَّادِ: سُوءُ الْحَالِ فِي الْبَدَنِ أَوِ الْعَيْشِ أَوِ الْمَالِ، وَهَذَا نَحْوَ مَا أَصَابَ قُرَيْشًا مِنَ الشِّدَّةِ وَالْقَحْطِ حَتَّى كَانُوا يُرَوْنَ فِي الْجَوِّ مِثْلَ الدُّخَّانِ مِنْ شِدَّةِ الْجَفَافِ، وَحَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ وَالْمَيْتَةَ، وَقَدْ أَصَابَ ذَلِكَ مُشْرِكِيهِمْ وَمُؤْمِنِيهِمْ وَكَانَتْ شِدَّتُهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي رَفَاهِيَةٍ، فَالشِّدَّةُ أَقْوَى عَلَيْهِمْ، فَأَرْسَلُوا إِلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَشْفِعُونَ بِهِ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ بِكَشْفِ الضُّرِّ عَنْهُمْ فَدَعَا فَأُمْطِرُوا فَعَادُوا إِلَى تَرَفِهِمْ، قَالَ تَعَالَى: فَارْتَقِبْ
يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ
[الدُّخان: 10] الْآيَاتِ، فَدُعَاؤُهُمْ رَبَّهُمْ يَشْمَلُ طَلَبَهُمْ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومُنِيبِينَ حَالٌ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ أَيِ اسْتَوُوا فِي الْإِنَابَةِ إِلَيْهِ أَيْ رَاجِعِينَ إِلَيْهِ بَعْدُ، وَاشْتَغَلَ الْمُشْرِكُونَ عَنْهُ بِدُعَاءِ الْأَصْنَامِ، قَالَ تَعَالَى: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ [الدُّخان: 15] . وَتَقَدَّمَ مُنِيبِينَ آنِفًا.
وَالْمَسُّ: مُسْتَعَارٌ لِلْإِصَابَةِ. وَحَقِيقَةٌ الْمَسُ: أَنَّهُ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى شَيْءٍ لِيَعْرِفَ وُجُودَهُ أَوْ يَخْتَبِرَ حَالَهَ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الْعُقُود [73] .
واختبر هُنَا لِمَا يَسْتَلْزِمُهُ مِنْ خِفَّةِ الْإِصَابَةِ، أَيْ يَدْعُونَ اللَّهَ إِذَا أَصَابَهُمْ خَفِيفُ ضُرٍّ بَلْهَ الضُّرِّ الشَّدِيدِ.
وَالْإِذَاقَةُ: مُسْتَعَارَةٌ لِلْإِصَابَةِ أَيْضًا. وَحَقِيقَتُهَا: إِصَابَةُ الْمَطْعُومِ بِطَرَفِ اللِّسَانِ وَهِيَ أَضْعَفُ إِصَابَاتِ الْأَعْضَاءِ لِلْأَجْسَامِ فَهِيَ أَقَلُّ مِنَ الْمَضْغِ وَالْبَلْعِ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ [95] ، وإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ فِي سُورَة يُونُس [21] . واختبر فِعْلُ الْإِذَاقَةِ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ إِسْرَاعِهِمْ إِلَى الْإِشْرَاكِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ إِصَابَةِ الرَّحْمَةِ لَهُمْ.
وَالرَّحْمَةُ: تَخْلِيصُهُمْ مِنَ الشِّدَّةِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 97
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست