responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 95
[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 31 إِلَى 32]
مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)
مُنِيبِينَ حَالٌ مِنْ ضمير فَأَقِمْ [الرّوم: 30] لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْخِطَابَ الْمُوَجَّهَ إِلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَادٌ مِنْهُ نَفْسُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَالْمُنِيبُ: الْمُلَازِمُ لِلطَّاعَةِ. وَيَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى أَنَابَ صَارَ ذَا نَوْبَةٍ، أَيْ ذَا رُجُوعٍ مُتَكَرِّرٍ وَأَنَّ الْهَمْزَةَ فِيهِ لِلصَّيْرُورَةِ، وَالنَّوْبَةُ: حِصَّةٌ مِنْ عَمَلٍ يَتَوَزَّعُهُ عَدَدٌ مِنَ النَّاسِ وَأَصْلُهَا: فَعْلَةٌ بِصِيغَةِ الْمَرَّةِ لِأَنَّهَا مَرَّةٌ مِنَ النَّوْبِ وَهُوَ قِيَامُ أَحَدٍ مَقَامَ غَيْرِهِ، وَمِنْهُ النِّيَابَةُ، وَيُقَالُ: تَنَاوَبُوا عَمَلَ كَذَا. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: «كُنْتُ أَنَا وَجَارٍ لِي مِنَ الْأَنْصَارِ نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا» الْحَدِيثَ، فَإِطْلَاقُ الْمُنِيبِ عَلَى الْمُطِيعِ اسْتِعَارَةٌ لِتَعَهُّدِ الطَّاعَةِ تَعَهُّدًا مُتَكَرِّرًا، وَجُعِلَتْ تِلْكَ الِاسْتِعَارَةُ كِنَايَةً عَنْ مُوَاصَلَةِ الطَّاعَةِ وَمُلَازَمَتِهَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ فِي سُورَةِ هُودٍ [75] . وَفُسِّرَتِ الْإِنَابَةُ أَيْضًا بِالتَّوْبَةِ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ نَابَ مُرَادِفُ تَابَ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ الْمُوَالِيَةِ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ [الرّوم: 33] . وَالْأَمْرُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ مُسْتَعْمَلٌ فِي طَلَبِ الدَّوَامِ.
والَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً هُمُ الْمُشْرِكُونَ لِأَنَّهُمُ اتَّخَذُوا عِدَّةَ آلِهَةٍ. وَإِنَّمَا كُرِّرَتْ مِنَ التَّبْعِيضِيَّةُ لِاعْتِبَارِ الَّذِينَ فَرَّقُوا دَيْنَهُمْ بَدَلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَدَلًا مُطَابِقًا أَوْ بَيَانًا، فَإِظْهَارُ حَرْفِ الْجَرِّ ثَانِيَةً مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْبَدَلِيَّةِ تَأْكِيدٌ بِإِظْهَارِ الْعَامِلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا [الْمَائِدَة: 114] وَشَأْنُ الْبَدَلِ وَالْبَيَانِ أَنْ يَجُوزَ مَعَهُمَا إِظْهَارُ الْعَامِلِ الْمُقَدَّرِ فَيَخْرُجَانِ عَنْ إِعْرَابِ التَّوَابِعِ إِلَى الْإِعْرَابِ الْمُسْتَقِلِّ وَيَكُونَانِ فِي الْمَعْنَى بَدَلًا أَوْ بَيَانًا وَلِهَذَا قَالَ النُّحَاةُ: إِنَّ الْبَدَلَ عَلَى نِيَّةِ تِكْرَارِ الْعَامِلِ. وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ:
إِنَّ الْبَدَلَ مُعْرَبٌ بِالْعَامِلِ الْمُقَدَّرِ، وَمِثْلُهُ الْبَيَانُ وَهُمَا سِيَّانِ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَعْنَى الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً فِي آخِرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست