responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 76
أَفْرَادِهِمْ، إِلَّا أَنَّهَا أَعْرَاضٌ مُفَارِقَةٌ غَيْرُ مُلَازِمَةٍ فَكَانَتْ دُونَ الْأَعْرَاضِ الَّتِي أُقِيمَتْ عَلَيْهَا الْآيَةُ الثَّالِثَةُ وَلِذَلِكَ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بَعْدَهَا.
وَحَالَةُ النَّوْمِ حَالَةٌ عَجِيبَةٌ مِنْ أَحْوَالِ الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ إِذْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ فِي نِظَامِ أَعْصَابِ دِمَاغِهِ قَانُونًا يَسْتَرِدُّ بِهِ قُوَّةَ مَجْمُوعِهِ الْعَصَبِيِّ بَعْدَ أَنْ يَعْتَرِيَهُ فَشَلُ الْإِعْيَاءِ مِنْ إِعْمَالِ عَقْلِهِ وَجَسَدِهِ فَيَعْتَرِيَهُ شِبْهُ مَوْتٍ يُخَدِّرُ إِدْرَاكَهُ وَلَا يُعَطِّلُ حَرَكَاتِ أَعْضَائِهِ الرَّئِيسِيَّةَ وَلَكِنَّهُ يُثَبِّطُهَا حَتَّى يَبْلُغَ مِنَ الزَّمَنِ مِقْدَارًا كَافِيًا لِاسْتِرْجَاعِ قُوَّتِهِ فَيُفِيقُ مِنْ نَوْمَتِهِ وَتَعُودُ إِلَيْهِ حَيَاتُهُ كَامِلَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [255] .
وَالْمَنَامُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ لِلنَّوْمِ أَوْ هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ.
وَقَوْلُهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مُتَعَلِّقٌ بِ مَنامُكُمْ. وَالْبَاءُ لِلظَّرْفِيَّةِ بِمَعْنَى (فِي) فَالنَّاسُ يَنَامُونَ بِاللَّيْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنَامُ بِالنَّهَارِ فِي الْقَائِلَةِ وَبِخَاصَّةٍ أَهْلُ الْأَعْمَالِ الْمُضْنِيَةِ إِذَا اسْتَرَاحُوا مِنْهَا فِي مُنْتَصَفِ النَّهَارِ خُصُوصًا فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ أَوْ فِي فَصْلِ الْحَرِّ.
وَالِابْتِغَاءُ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ: طَلَبُ الرِّزْقِ بِالْعَمَلِ لِأَنَّ فَضْلَ اللَّهِ الرِّزْقُ، وَجُعِلَ هَذَا كِنَايَةً عَنِ الْهُبُوبِ إِلَى الْعَمَلِ لِأَنَّ الِابْتِغَاءَ يَسْتَلْزِمُ الْهُبُوبَ مِنَ النَّوْمِ، وَذَلِكَ آيَةٌ أُخْرَى لِأَنَّهُ نَشَاطُ الْقُوَّةِ بَعْدَ أَنْ خَارَتْ وَفَشِلَتْ. وَلِكَوْنِ ابْتِغَاءِ الرِّزْقِ مِنْ خَصَائِصِ النَّهَارِ أُطْلِقَ هُنَا فَلَمْ يُقَيَّدْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ عَدَمَ تَقْيِيدِهِ بِمِثْلِ مَا قَيَّدَ بِهِ مَنامُكُمْ لِلِاسْتِغْنَاءِ بِدَلَالَةِ الْقَيْدِ
الَّذِي قَبْلَهُ بِتَقْدِيرِ: وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ فِيهِمَا، وَقَدْ تَكَلَّفَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» فَجَعَلَ الْكَلَامَ مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ عَلَى أَنَّ اللَّفَّ وَقَعَ فِيهِ تَفْرِيقٌ، وَوَجَّهَهُ مُحَشِّيهِ الْقَزْوِينِيُّ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ لِلِاهْتِمَامِ بِآيَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
وَقَدْ جُعِلَتْ دَلَالَاتُ الْمَنَامِ وَالِابْتِغَاءِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَيْنِ حَالَتَانِ مُتَعَاوِرَتَانِ عَلَى النَّاسِ قَدِ اعْتَادُوهُمَا فَقَلَّ مَنْ يَتَدَبَّرُ فِي دَلَالَتِهِمَا عَلَى دَقِيقِ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى فَمُعْظَمُ النَّاسِ فِي حَاجَةٍ إِلَى مَنْ يُوقِفُهُمْ عَلَى هَذِهِ الدَّلَالَةِ وَيُرْشِدُهُمْ إِلَيْهَا. وَثَانِيهُمَا: أَنَّ فِي مَا يَسْمَعُهُ النَّاسُ مِنْ أَحْوَالِ النَّوْمِ مَا هُوَ أَشَدُّ دَلَالَةً عَلَى عَظِيمِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست