responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 315
وَقْعُ هَذِهِ الْآيَاتِ عَقِبَ ذِكْرِ وَقْعَةِ قُرَيْظَةَ وَذِكْرِ الْأَرْضِ الَّتِي لم يطؤوها وَهِيَ أَرْضُ بَنِي النَّضِيرِ. وَإِذْ قَدْ كَانَ شَأْنُ هَذِهِ السِّيرَةِ أَنْ يَشُقَّ عَلَى غَالِبِ النَّاسِ وَخَاصَّةً النِّسَاءَ أَمَرَ اللَّهُ رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن ينبىء أَزْوَاجَهُ بِهَا وَيُخَيِّرَهُنَّ عَنِ السَّيْرِ عَلَيْهَا تَبَعًا لِحَالِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُفَارِقَهُنَّ. لِذَا فَافْتِتَاحُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِنِدَاءِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مَا سَيُذْكَرُ بَعْدَ النِّدَاءِ لَهُ مَزِيدُ اخْتِصَاصٍ بِهِ وَهُوَ غَرَضُ تَحْدِيدِ سِيرَةِ أَزْوَاجِهِ مَعَهُ سِيرَةً تُنَاسِبُ مَرْتَبَةَ النُّبُوءَةِ، وَتَحْدِيدِ تَزَوُّجِهِ وَهُوَ الْغَرَضُ الثَّانِي مِنَ الْأَغْرَاضِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي قَوْلِهِ يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ اتَّقِ اللَّهَ [الْأَحْزَاب: 1] .
وَالْأَزْوَاجُ الْمَعْنِيَّاتُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُنَّ أَزْوَاجُهُ التِّسْعُ اللَّاتِي تُوُفِّيَ عَلَيْهِنَّ. وَهُنَّ:
عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَحَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، وَأُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيَّةُ، وَجُوَيْرِيَّةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيَّةُ، وَمَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ
الْهِلَالِيَّةُ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ الْعَامِرِيَّةُ الْقُرَشِيَّةُ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الْأَسْدِيَةُ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ النَّضِيرِيَّةُ. وَأَمَّا زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ الْهِلَالِيَّةُ الْمُلَقَّبَةُ أُمَّ الْمَسَاكِينِ فَكَانَتْ مُتَوَفَّاةً وَقْتَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ.
وَمَعْنَى إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها: إِنْ كُنْتُنَّ تُؤْثِرْنَ مَا فِي الْحَيَاةِ مِنَ التَّرَفِ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالطَّاعَاتِ وَالزُّهْدِ، فَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ يُقَدَّرُ صَالِحًا لِلْعُمُومِ إِذْ لَا دَلِيلَ عَلَى إِرَادَةِ شَأْنٍ خَاص من شؤون الدُّنْيَا. وَهَذِهِ نُكْتَةُ تَعْدِيَةِ فِعْلِ تُرِدْنَ إِلَى اسْمِ ذَاتِ الْحَياةَ دُونَ حَال من شؤونها.
وَعَطْفُ زِينَتَها عَطْفٌ خَاصٌّ عَلَى عَامٍّ، وَفِي عَطْفِهِ زِيَادَةُ تَنْبِيهٍ عَلَى أَنَّ الْمُضَافَ الْمَحْذُوفَ عَامٌّ، وَأَيْضًا فَفِعْلُ تُرِدْنَ يُؤْذِنُ بِاخْتِيَارِ شَيْءٍ عَلَى غَيْرِهِ فَالْمَعْنَى: إِنَّ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الانغماس فِي شؤون الدُّنْيَا، وَقَدْ دَلَّتْ عَلَى هَذَا مُقَابَلَتُهُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كَمَا سَيَأْتِي.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست