responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 288
الْجُمَلِ، أَيْ: أَنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَأْتُونَ الْفِتْنَةَ، والْفِتْنَةَ هِيَ أَنْ يَفْتِنُوا الْمُسْلِمِينَ، أَيِ: الْكَيْدُ لَهُمْ وَإِلْقَاءُ التَّخَاذُلِ فِي جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ. وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ فَسَّرَ الْفِتْنَةَ بِالشِّرْكِ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا بِالْقِتَالِ وَهُوَ بَعِيدٌ.
وَالْإِتْيَانُ: الْقُدُومُ إِلَى مَكَانٍ. وَقَدْ أَشْعَرَ هَذَا الْفِعْلُ بِأَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا لِيَفْتِنُوا الْمُسْلِمِينَ، وَضَمِيرُ النَّصْبِ فِي أَتَوْهَا عَائِدٌ إِلَى الْفِتْنَةَ وَالْمُرَادُ مَكَانُهَا وَهُوَ مَكَانُ الْمُسْلِمِينَ، أَيْ لَأَتَوْا مَكَانَهَا وَمَظِنَّتِهَا. وَضَمِيرُ بِها لِلْفِتْنَةِ، وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ.
وَجُمْلَةُ وَما تَلَبَّثُوا بِها عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ لَآتَوْها. وَالتَّلَبُّثُ: اللُّبْثُ، أَيِ:
الِاسْتِقْرَارُ فِي الْمَكَانِ وَهُوَ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِلْإِبْطَاءِ، أَي مَا أبطأوا بِالسَّعْيِ فِي الْفِتْنَةِ وَلَا خَافُوا أَنْ تُؤْخَذَ بُيُوتُهُمْ. وَالْمَعْنَى: لَوْ دَخَلَتْ جُيُوشُ الْأَحْزَابِ الْمَدِينَةَ وَبَقِيَ جَيْشُ الْمُسْلِمِينَ خَارِجَهَا- أَيْ مَثَلًا لِأَنَّ الْكَلَامَ عَلَى الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ- وَسَأَلَ الْجَيْشُ الدَّاخِلُ الْفَرِيقَ الْمُسْتَأْذِنِينَ أَنْ يُلْقُوا الْفِتْنَةَ فِي الْمُسلمين بِالتَّفْرِيقِ والتخذيل لَخَرَجُوا لِذَلِكَ الْقَصْدِ مُسْرِعِينَ وَلَمْ يُثَبِّطْهُمُ الْخَوْفُ عَلَى بُيُوتِهِمْ أَنْ يَدْخُلَهَا اللُّصُوصُ أَوْ يَنْهَبَهَا الْجَيْشُ: إِمَّا لِأَنَّهُمْ آمِنُونَ مِنْ أَنْ يَلْقَوْا سُوءًا مِنَ الْجَيْشِ الدَّاخِلِ لِأَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ لَهُ وَمُعَاوِنُونَ، فَهُمْ مِنْهُمْ وَإِلَيْهِمْ، وَإِمَّا لِأَنَّ كَرَاهَتَهُمُ الْإِسْلَامَ تَجْعَلُهُمْ لَا يَكْتَرِثُونَ بِنَهْبِ بُيُوتِهِمْ.
وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ إِلَّا يَسِيراً يُظْهِرُ أَنَّهُ تَهَكُّمٌ بِهِمْ فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ تَأْكِيدَ النَّفْيِ بِصُورَةِ الِاسْتِثْنَاءِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، أَيْ إِلَّا رَيْثَمَا يَتَأَمَّلُونَ فَلَا يُطِيلُونَ التَّأَمُّلَ فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِهِ تَأْكِيدَ قِلَّةِ التَّلَبُّثِ، فَهَذَا هُوَ التَّفْسِيرُ الْمُنْسَجِمُ مَعَ نَظْمِ الْقُرْآنِ أَحْسَنَ انْسِجَامٍ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ لَأَتَوْهَا بِهَمْزَةٍ تَلِيهَا مُثَنَّاةٌ فَوْقِيَّةٌ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ وَخَلَفٌ لَآتَوْها بِأَلِفٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ عَلَى مَعْنَى: لَأَعْطَوْهَا، أَيْ: لَأَعْطَوُا الْفِتْنَةَ سَائِلِيهَا، فَإِطْلَاقُ فِعْلِ أَتَوْهَا مُشَاكَلَةٌ لفعل سُئِلُوا.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست