responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 270
نَظِيرِهِ وَهُوَ الْمُوَاخَاةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رِجَالٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَعَ رِجَالٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ مَعَ مَنْ هَاجَرَ مَعَهُ، جَعَلَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا أَخًا لَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ فَآخَى بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَبَيْنَ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَبَيْنَ الزُّبَيْرِ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَبَين عبد الرحمان بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَبَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَبَيْنَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَأَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ فَتَوَارَثَ الْمُتَآخُونَ مِنْهُمْ بِتِلْكَ الْمُؤَاخَاةِ زَمَانًا كَمَا يَرِثُ الْإِخْوَةُ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، كَمَا نُسِخَ التَّوَارُثُ بِالتَّبَنِّي بِآيَةِ ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ [الْأَحْزَاب: 5] ، فَبَيَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَنَّ الْقَرَابَةَ هِيَ سَبَبُ الْإِرْثِ إِلَّا الِانْتِسَابَ الْجَعْلِيَّ.
فَالْمُرَادُ بِأُولِي الْأَرْحَامِ: الْإِخْوَةُ الْحَقِيقِيُّونَ. وَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِأُولِي الْأَرْحَامِ لِأَنَّ الشَّقِيقَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ فِي الْمِيرَاثِ وَهُمُ الْغَالِبُ، فَبَيَّنَتِ الْآيَةُ أَنَّ أُولِي الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي الْمِيرَاثِ مِنْ وِلَايَةِ الْمُتَآخِينَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَعَمَّ هَذَا جَمِيعَ أُولِي الْأَرْحَامِ وَخَصَّصَ بِقَوْلِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ فِي الْآيَتَيْنِ فِي مَعْنَى مِنْ. وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَامِّ الْوَارِدِ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ وَالْمُطْلَقُ مِنْ قَبِيلِ الْمُجْمَلِ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَيَانٌ فَمَحْمَلُ إِطْلَاقِهِ مَحْمَلُ الْعُمُومِ، لِأَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ حَالٌ مِنْ أَحْوَالِ أُولِي الْأَرْحَامِ وَعُمُومِ الْأَشْخَاصِ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ الْأَحْوَالِ، فَالْمَعْنَى: أَنَّ أُولِي الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي جَمِيعِ الْوِلَايَاتِ إِلَّا مَا خَصَّصَهُ أَوْ قَيَّدَهُ الدَّلِيلُ.
وَالْآيَةُ مُبَيَّنَةٌ فِي أَنَّ الْقَرَابَةَ الْحَقِيقِيَّةَ أَرْجَحُ مِنَ الْأُخُوَّةِ الْجَعْلِيَّةِ، وَهِيَ مُجْمَلَةٌ فِي تَفْصِيلِ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ أُولِي الْأَرْحَامِ، وَذَلِكَ مُفَصَّلٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي أَحْكَامِ الْمَوَارِيثِ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى لَفْظِ أُولُوا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبابِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [197] .
وَمَعْنَى فِي كِتابِ اللَّهِ فِيمَا كَتَبَهُ، أَيْ: فَرَضَهُ وَحَكَمَ بِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْقُرْآنُ إِشَارَةً إِلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ آيَةُ الْمَوَارِيثِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي آخِرِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ مَعْلُومٌ سَهْمُهُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 270
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست