responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 27
[سُورَة العنكبوت (29) : آيَة 62]
اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62)
هَذَا إِلْزَامٌ آخَرُ لَهُمْ بِإِبْطَالِ شِرْكِهِمْ وَافْتِضَاحِ تَنَاقِضِهِمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِأَنَّ الرَّازِقَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ إِلَى قَوْلِهِ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ فِي سُورَةِ يُونُسَ [31] . وَإِنَّمَا جَاءَ أُسْلُوبُ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ
مُخَالِفًا لِأُسْلُوبِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالَّذِي بَعْدَهُ فَعَدَلَ عَنْ تَرْكِيبِ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ [العنكبوت: 61] تَفَنُّنًا فِي الْأَسَالِيبِ لِتَجْدِيدِ نَشَاطِ السَّامِعِ.
وَأُدْمِجَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى انْفِرَادِهِ تَعَالَى بِالرِّزْقِ التَّذْكِيرُ بِأَنَّهُ تَعَالَى يَرْزُقُ عِبَادَهُ عَلَى حَسَبِ مَشِيئَتِهِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ فِي تَصَرُّفِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَقَادِيرِ حَاجَاتِهِمْ وَلَا عَلَى مَا يَبْدُو مِنَ الِانْتِفَاعِ بِمَا يُرْزَقُونَهُ.
وَبَسْطُ الرِّزْقِ: إِكْثَارُهُ، وَقدره: تقليله وتقتيره. وَالْمَقْصُودُ: أَنَّهُ الرَّازِقُ لِأَحْوَالِ الرِّزْقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ [26] . فَجَاءَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى وِزَانِ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الرُّومِ [37] أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فَجَمَعَ بَيْنَ ضَمِيرِ الْمُشْرِكِينَ فِي أَوَّلِهَا وَبَيْنَ كَوْنِ الْآيَاتِ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي آخِرِهَا.
وَتَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ فِي قَوْلِهِ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ، أَيْ اللَّهُ لَا غَيْرُهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ وَيَقْدِرُ. وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ لِإِفَادَةِ تَجَدُّدِ الْبَسْطِ وَالْقَدْرِ. وَزِيَادَةُ لَهُ بَعْدَ وَيَقْدِرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دُونَ آيَةِ سُورَةِ الرَّعْدِ وَآيَةِ الْقَصَصِ لِلتَّعْرِيضِ بِتَبْصِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ ابْتُلُوا فِي أَمْوَالِهِمْ مِنِ اعْتِدَاءِ الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهَا كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ آنِفًا: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا [العنكبوت: 60] بِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ فِي الرِّزْقِ هُوَ لَهُمْ لَا عَلَيْهِمْ لِمَا يَنْجَرُّ لَهُمْ مِنْهُ مِنَ الثَّوَابِ وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ، فَغُلِّبَ فِي هَذَا الْغَرَضِ جَانِبُ الْمُؤْمِنِينَ وَلِهَذَا لَمْ يُعَدَّ يَقْدِرُ بِحَرْفِ (عَلَى) كَمَا هُوَ مُقْتَضَى مَعْنَى الْقَدْرِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست