responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 263
آبَاءَهُمْ فَادْعُوهُمْ إِنْ شِئْتُمْ بِإِخْوَانٍ وَإِنْ شِئْتُمُ ادْعُوهُمْ مَوَالِيَ إِنْ كَانُوا كَذَلِكَ. وَهَذَا تَوْسِعَةٌ عَلَى النَّاسِ.
وفِي لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ، أَيْ: إِخْوَانُكُمْ أُخُوَّةً حَاصِلَةً بِسَبَبِ الدِّينِ كَمَا يَجْمَعُ الظَّرْفُ مُحْتَوَيَاتِهِ، أَوْ تُجْعَلُ فِي لِلتَّعْلِيلِ وَالتَّسَبُّبِ، أَيْ: إِخْوَانُكُمْ بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ [العنكبوت: 10] ، أَيْ: لِأَجْلِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10] .
وَلَيْسَ فِي دَعْوَتِهِمْ بِوَصْفِ الْأُخُوَّةِ رِيبَةٌ أَوِ الْتِبَاسٌ مِثْلَ الدَّعْوَةِ بِالْبُنُوَّةِ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ بِالْأُخُوَّةِ فِي أَمْثَالِهِمْ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّ لِوَصْفِ الْأُخُوَّةِ فِيهِمْ تَأْوِيلًا بِإِرَادَةِ الِاتِّصَالِ الدِّينِيِّ بِخِلَافِ وَصْفِ الْبُنُوَّةِ فَإِنَّمَا هُوَ وَلَاءٌ وَتَحَالُفٌ فَالْحَقُّ أَنْ يُدْعَوْا بِذَلِكَ الْوَصْفِ، وَفِي ذَلِكَ جَبْرٌ لِخَوَاطِرِ الْأَدْعِيَاءِ من تَبَنَّوْهُمْ.
وَالْمُرَادُ بِالْوَلَاءِ فِي قَوْلِهِ وَمَوالِيكُمْ وَلَاءُ الْمُحَالَفَةِ لَا وَلَاءُ الْعِتْقِ، فَالْمُحَالَفَةُ مِثْلَ الْأُخُوَّةِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ نَاسِخَةٌ لِمَا كَانَ جَارِيًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَمِنَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ دَعْوَةِ الْمُتَبَنِّينَ إِلَى الَّذِينَ تَبَنَّوْهُمْ فَهُوَ مِنْ نَسْخِ السُّنَّةِ الْفِعْلِيَّةِ وَالتَّقْرِيرِيَّةِ بِالْقُرْآنِ. وَذَلِكَ مُرَادُ مَنْ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَسَخَتْ حُكْمَ التَّبَنِّي.
قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : «وَفِي فَصْلِ هَذِهِ الْجُمَلِ وَوَصْلِهَا مِنَ الْحُسْنِ وَالْفَصَاحَةِ مَا لَا يَغْبَى عَنْ عَالَمٍ بِطُرُقِ النَّظْمِ» . وَبَيَّنَهُ الطَّيْبِيُّ فَقَالَ: يَعْنِي فِي إِخْلَاءِ الْعَاطِفِ وَإِثْبَاتِهِ مِنَ الْجُمَلِ مِنْ مُفْتَتَحِ السُّورَةِ إِلَى هُنَا. وَبَيَانُهُ: أَنَّ الْأَوَامِرَ وَالنَّهْيَ فِي اتَّقِ [الْأَحْزَاب: 1] وَلا تُطِعِ [الْأَحْزَاب: 1] وَاتَّبِعْ [الْأَحْزَاب: 2] وَتَوَكَّلْ [الْأَحْزَاب: 3] ، فَإِنَّ الِاسْتِهْلَالَ بِقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ اتَّقِ اللَّهَ [الْأَحْزَاب: 1] دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَمْرٍ مَعْنِيٍّ شَأْنُهُ لَائِحٌ مِنْهُ الْإِلْهَابُ، وَمِنْ ثَمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ وَلا تُطِعِ كَمَا يُعْطَفُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِ، وَأَرْدَفَ بِهِ النَّهْيَ، ثُمَّ أَمَرَ بِالتَّوَكُّلِ تَشْجِيعًا عَلَى مُخَالَفَةِ أَعْدَاءِ الدِّينِ، ثُمَّ عَقَّبَ كُلًّا مِنْ تِلْكَ الْأَوَامِرِ بِمَا يُطَابِقُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّتْمِيمِ، وَعَلَّلَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ
بِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً [الْأَحْزَاب: 1] تَتْمِيمًا لِلِارْتِدَاعِ، وَعَلَّلَ قَوْلَهُ وَاتَّبِعْ مَا يُوحى إِلَيْكَ بِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً [الْأَحْزَاب: 2] تَتْمِيمًا، وَذَيَّلَ قَوْلَهُ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ بِقَوْلِهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا [الْأَحْزَاب: 3] تَقْرِيرًا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 263
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست