responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 243
وَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي هذَا الْفَتْحُ مَعَ إِمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِذِكْرِ مُبَيِّنِهِ مَقْصُودٌ مِنْهُ التَّحْقِيرُ وَقِلَّةُ الِاكْتِرَاثِ بِهِ كَمَا فِي قَوْلِ قَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ:
مَتَى يَأْتِ هَذَا الْمَوْتُ لَا يُلْفِ حَاجَةً ... لِنَفْسِي إِلَّا قَدْ قَضَيْتُ قَضَاءَهَا
إِنْبَاءً بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِهِ بِالْمَوْتِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ: أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ [الْأَنْبِيَاء: 36] فَأَمَرَ اللَّهُ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُجِيبَهُمْ عَلَى طَرِيقَةِ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ بِأَنَّ يَوْمَ الْفَتْحِ الْحَقِّ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَهُوَ يَوْمُ الْفَصْلِ وَحِينَئِذٍ يَنْقَطِعُ أَمَلُ الْكُفَّارِ فِي النَّجَاةِ وَالِاسْتِفَادَةِ مِنَ النَّدَامَةِ وَالتَّوْبَةِ وَلَا يَجِدُونَ إِنْظَارًا لِتَدَارُكِ مَا فَاتَهُمْ، أَيْ إِفَادَتُهُمْ هَذِهِ الْمَوْعِظَةَ خَيْرٌ لَهُمْ مَنْ تَطَلُّبِهِمْ مَعْرِفَةَ وَقْتِ حُلُولِ يَوْمِ الْفَتْحِ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ يَوْمَئِذٍ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ [السَّجْدَة: 12] مَعَ مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ زَمَنَ حُلُولِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِلنَّاسِ وَأَنَّهُ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ فَعَلَى مَنْ يَحْتَاطُ لِنَجَاةِ نَفْسِهِ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ مِنَ الْآنِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى يَحِلُّ بِهِ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً [الْأَنْعَام: 158] . فَفِي هَذَا الْجَوَابِ سُلُوكُ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ مِنْ وَجْهَيْنِ: مِنْ وَجْهِ الْعُدُولِ عَنْ تَعْيِينِ يَوْمِ الْفَتْحِ، وَمِنْ وَجْهِ الْعُدُولِ بِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْفَتْحِ الْحَقِّ، وَهُمْ إِنَّمَا أَرَادُوا بِالْفَتْحِ نَصْرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.
وَإِظْهَارُ وَصْفِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ مَعَ أَنَّهُمْ هُمُ الْقَائِلُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ لِقَصْدِ التَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ كُفْرَهُمْ هُوَ سَبَبُ خَيْبَتِهِمْ. ثُمَّ فُرِّعَ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْمُجَادَلَاتِ وَالدَّلَالَاتِ تَوْجِيهُ اللَّهِ خِطَابَهَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُعْرِضَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ الْمُكَذِّبِينَ وَأَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْإِلْحَاحِ عَلَيْهِمْ تَأْيِيسًا مِنْ إِيمَانِ الْمُجَادِلِينَ مِنْهُمُ الْمُتَصَدِّينَ لِلتَّمْوِيهِ عَلَى دَهْمَائِهِمْ. وَهَذَا إِعْرَاضُ مُتَارَكَةٍ عَنِ الْجِدَالِ وَقْتِيًّا لَا إِعْرَاضٌ مُسْتَمِرٌّ، وَلَا عَنِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ وَلَا عَلَاقَةَ لَهُ بِأَحْكَامِ الْجِهَادِ الْمَشْرُوعِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ.
وَالِانْتِظَارُ: التَّرَقُّبُ. وَأَصْلُهُ مُشْتَقٌّ مِنَ النَّظَرِ فَكَأَنَّهُ مُطَاوِعُ: أَنْظَرَهُ، أَيْ أَرَاهُ فَانْتَظَرَ، أَيْ: تَكَلَّفَ أَنْ يَنْظُرَ. وَحُذِفَ مَفْعُولُ انْتَظِرْ لِلتَّهْوِيلِ، أَيِ: انْتَظِرْ أَيَّامًا يَكُونُ لَكَ فِيهَا
النَّصْرُ،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست